فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث 155

صحيح البخاري

كتاب الوضوء حديث برقم-(155)



حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع عبد الله يقول

: أتى النبي صلى الله عليه و سلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين / والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال ( هذا ركس )

 [ ش ( التمست الثالث ) طلبته وبحثت عنه . ( ركس ) نجس ] 


شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:


 155 - قوله زهير هو بن معاوية الجعفي الكوفي والإسناد كله كوفيون وأبو إسحاق هو السبيعي وهو تابعي وكذا شيخه عبد الرحمن وأبوه الأسود قوله ليس أبو عبيدة أي بن عبد الله بن مسعود

وقوله ذكره أي لي ولكن عبد الرحمن بن الأسود أي هو الذي ذكره لي بدليل قوله في الرواية الآتية المعلقه حدثني عبد الرحمن وإنما عدل أبو إسحاق عن الرواية عن أبي عبيدة إلى الرواية عن عبد الرحمن مع أن رواية أبي عبيدة أعلى له لكون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح فتكون منقطعه بخلاف رواية عبد الرحمن فإنها موصولة ورواية أبي إسحاق لهذا الحديث عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود عند الترمذي وغيره من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق فمراد أبي إسحاق هنا بقوله ليس أبو عبيدة ذكره أي لست ارويه الآن عن أبي عبيدة وإنما ارويه عن عبد الرحمن قوله عن أبيه هو الأسود بن يزيد النخعي صاحب بن مسعود وقال بن التين هو الأسود بن عبد يغوث الزهري وهو غلط فاحش فإن الأسود الزهري لم يسلم فضلا عن أن يعيش حتى يروي عن عبد الله بن مسعود

قوله اتى الغائط أي الأرض المطمئنه لقضاء الحاجة

قوله فلم أجد وللكشميهني فلم أجده أي الحجر الثالث

قوله بثلاثة أحجار فيه العمل بما دل عليه النهي في حديث سلمان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ولا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار رواه مسلم وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص من الثلاث مع مراعاة الانقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويستحب حينئذ الايتار لقوله ومن استجمر فليوتر وليس بواجب لزيادة في أبي داود حسنة الإسناد قال ومن لا فلا حرج وبهذا يحصل الجمع بين الروايات في هذا الباب قال الخطابي لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن الفائده فلما اشترط العدد لفظا وعلم الانقاء فيه معنى دل على إيجاب الامرين ونظيره العدة بالإقراء فإن العدد مشترط ولو تحققت براءة الرحم بقرء واحد

قوله فاخذت روثة زاد بن خزيمة في رواية له في هذا الحديث أنها كانت روثة حمار ونقل التيمي أن الروث مختص بما يكون من الخيل والبغال والحمير قوله والقى الروثه استدل به الطحاوي على عدم اشتراط الثلاثه قال لأنه لو كان مشترطا لطلب ثالثا كذا قال وغفل رحمه الله عما أخرجه أحمد في مسنده من طريق معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن بن مسعود في هذا الحديث فإن فيه فألقى الروثة وقال أنها ركس ائتني بحجر ورجاله ثقات اثبات وقد تابع عليه معمر أبو شعبة الواسطي وهو ضعيف أخرجه الدارقطني وتابعهما عمار بن رزيق أحد الثقات عن أبي إسحاق وقد قيل أن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة لكن أثبت سماعه لهذا الحديث منه الكرابيسي وعلى تقدير أن يكون أرسله عنه فالمرسل حجة عند المخالفين وعندنا أيضا إذا اعتضد واستدلال الطحاوي فيه نظر بعد ذلك لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب الثلاثه فلم يجدد الأمر بطلب الثالث أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث لأن المقصود بالثلاثه أن يمسح بها ثلاث مسحات وذلك حاصل ولو بواحد والدليل على صحته أنه لو مسح بطرف واحد ورماه ثم جاء شخص آخر فمسح بطرفه الآخر لاجزاهما بلا خلاف وقال أبو الحسن بن القصار المالكي روى أنه أتاه بثالث لكن لا يصح ولو صح فالاستدلال به لمن لا يشترط الثلاثه قائم لأنه اقتصر في الموضعين على ثلاثة فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة انتهى وفيه نظر أيضا لأن الزيادة ثابتة كما قدمناه وكأنه إنما وقف على الطريق التي عند الدارقطني فقط ثم يحتمل أن يكون لم يخرج منه شيء الا من سبيل واحد وعلى تقدير أن يكون خرج منهما فيحتمل أن يكون اكتفى للقبل بالمسح في الأرض وللدبر بالثلاثة أو مسح من كل منهما بطرفين وأما استدلالهم على عدم الاشتراط للعدد بالقياس على مسح الرأس ففاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص الصريح كما قدمناه من حديث أبي هريرة وسلمان والله أعلم قوله هذا ركس كذا وقع هنا بكسر الراء واسكان الكاف فقيل هي لغة في رجس بالجيم ويدل عليه رواية بن ماجة وبن خزيمة في هذا الحديث فإنها عندهما بالجيم وقيل الركس الرجيع رد من حالة الطهاره إلى حالة النجاسه قاله الخطابي وغيره والأولى أن يقال رد من حالة الطعام إلى حالة الروث وقال بن بطال لم أر هذا الحرف في اللغه يعني الركس بالكاف وتعقبه أبو عبد الملك بان معناه الرد كما قال تعالى اركسوا فيها أي ردوا فكأنه قال هذا رد عليك انتهى ولو ثبت ما قال لكان بفتح الراء يقال ركسه ركسا إذا رده وفي رواية الترمذي هذا ركس يعني نجسا وهذا يؤيد الأول وأغرب النسائي فقال عقب هذا الحديث الركس طعام الجن وهذا أن ثبت في اللغه فهو مريح من الاشكال قوله وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه يعني يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبي إسحاق وهو جده قال حدثني عبد الرحمن يعني بن الأسود بن يزيد بالإسناد المذكور أو لا وأراد البخاري بهذا التعليق الرد على من زعم أن أبا إسحاق دلس هذا الخبر كما حكى ذلك عن سليمان الشاذكوني حيث قال لم يسمع في التدليس باخفى من هذا قال ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن ولم يقل ذكره لي انتهى وقد استدل الإسماعيلي أيضا على صحة سماع أبي إسحاق لهذا الحديث من عبد الرحمن بكون يحيى القطان رواه عن زهير فقال بعد أن أخرجه من طريقه والقطان لا يرضى أن يأخذ عن زهير ما ليس بسماع لأبي إسحاق وكأنه عرف ذلك بالاستقراء من صنيع القطان أو بالتصريح من قوله فانزاحت عن هذه الطريق علة التدليس وقد اعله قوم بالاضطراب وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي إسحاق في كتاب العلل واستوفيته في مقدمة الشرح الكبير لكن رواية زهير هذه ترجحت عند البخاري بمتابعة يوسف حفيد أبي إسحاق وتابعهما شريك القاضي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهما وتابع أبا إسحاق على روايته عن عبد الرحمن المذكور ليث بن أبي سليم وحديثه يستشهد به أخرجه بن أبي شيبة ومما يرجحها أيضا استحضار أبي إسحاق لطريق أبي عبيدة وعدوله عنها بخلاف رواية إسرائيل عنه عن أبي عبيدة فإنه لم يتعرض فيها لرواية عبد الرحمن كما أخرجه الترمذي وغيره فلما أختار في رواية زهير طريق عبد الرحمن على طريق أبو عبيدة دل على أنه عارف بالطريقين وأن رواية عبد الرحمن عنده أرجح والله أعلم 

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.