صحيح البخاري
كتاب الوضوء حديث برقم-(160)
حدثنا عبد الله بن يوسف
قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
: أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال ( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ
أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده
)
[ ر 159 ]
[ ش أخرجه مسلم في الطهارة باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها رقم 278
( فليجعل في أنفه ) أي ماء . ( في وضوئه ) في الإناء الذي وضع فيه الماء المعد للوضوء ]
شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:
160 - قوله إذا توضأ أي إذا شرع في الوضوء قوله فليجعل في أنفه ماء كذا لأبي ذر وسقط قوله ماء لغيره وكذا اختلف رواه الموطأ في اسقاطه وذكره وثبت ذكره لمسلم من رواية سفيان عن أبي الزناد قوله ثم لينتثر كذا لأبي ذر والأصيلي بوزن ليفتعل ولغيرهما ثم لينثر بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنه والروايتان لأصحاب الموطأ أيضا قال الفراء يقال نثر الرجل وانتثر واستنثر إذا حرك النثرة وهي طرف الأنف في الطهارة قوله وإذا استيقظ هكذا عطفه المصنف واقتضى سياقه أنه حديث واحد وليس هو كذلك في الموطأ وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من موطأ يحيى رواية عبد الله بن يوسف شيخ البخاري مفرقا وكذا هو في موطأ يحيى بن بكير وغيره وكذا فرقه الإسماعيلي من حديث مالك وكذا أخرج مسلم الحديث الأول من طريق بن عيينة عن أبي الزناد والثاني من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد وعلى هذا فكان البخاري كان يرى جواز جمع الحديثين إذا اتحد سندهما في سياق واحد كما يرى جواز تفريق الحديث الواحد إذا اشتمل على حكمين مستقلين قوله من نومه أخذ بعمومه الشافعي والجمهور فاستحبوه عقب كل نوم وخصه أحمد بنوم الليل لقوله في آخر الحديث باتت يده لأن حقيقة المبيت أن يكون في الليل وفي رواية لأبي داود ساق مسلم إسنادها إذا قام أحدكم من الليل وكذا للترمذي من وجه آخر صحيح ولأبي عوانة في رواية ساق مسلم إسنادها أيضا إذا قام أحدكم إلى الوضوء حين يصبح لكن التعليل يقتضي الحاق نوم النهار بنوم الليل وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة قال الرافعي في شرح المسند يمكن أن يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلا أشد منها لمن نام نهارا لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادة ثم الأمر عند الجمهور على الندب وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار وعنه في رواية استحبابه في نوم النهار واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء وقال إسحاق وداود والطبري ينجس واستدل لهم بما ورد من الأمر بإراقته لكنه حديث ضعيف أخرجه بن عدي والقرينة الصارفه للأمر عن الوجوب عند الجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك لأن الشك لا يقتضي وجوبا في هذا الحكم استصحابا لاصل الطهاره واستدل أبو عوانة على عدم الوجوب بوضوئه صلى الله عليه و سلم من الشن المعلق بعد قيامه من النوم كما سيأتي في حديث بن عباس وتعقب بان قوله أحدكم يقتضي اختصاصه بغيره صلى الله عليه و سلم وأجيب بأنه صح عنه غسل يديه قبل ادخالهما في الإناء حال اليقظه فاستحبابه بعد النوم أولي ويكون تركه لبيان الجواز وأيضا فقد قال في هذا الحديث في روايات لمسلم وأبي داود وغيرهما فليغسلهما ثلاثا وفي رواية ثلاث مرات والتقييد بالعدد في غير النجاسه العينيه يدل على الندبيه ووقع في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد فلا يضع يده في الوضوء حتى يغسلها والنهي فيه للتنزيه كما ذكرنا أن فعل استحب وأن ترك كره ولا تزول الكراهة بدون الثلاث نص عليه الشافعي والمراد باليد هنا الكف دون ما زاد عليها اتفاقا وهذا كله في حق من قام من النوم لما دل عليه مفهوم الشرط وهو حجة عند الأكثر أما المستيقظ فيستحب له الفعل لحديث عثمان وعبد الله بن زيد ولا يكره الترك لعدم ورود النهي فيه وقد روى سعيد بن منصور بسند صحيح عن أبي هريرة أنه كان يفعله ولا يرى بتركه بأسا وسيأتي عن بن عمر والبراء نحو ذلك قوله قبل أن يدخلها ولمسلم وبن خزيمة وغيرهما من طرق فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها وهي أبين في المراد من رواية الادخال لأن مطلق الادخال لا يترتب عليه كراهة كمن ادخل يده في إناء واسع فاغترف منه بإناء صغير من غير أن تلامس يده الماء قوله في وضوئه بفتح الواو أي الإناء الذي أعد للوضوء وفي رواية الكشميهني في الإناء وهي رواية مسلم من طرق أخرى ولابن خزيمة في إنائه أو وضوئه على الشك والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به إناء الغسل لأنه وضوء وزيادة وكذا باقي الانية قياسا لكن في الاستحباب من غير كراهة لعدم ورود النهي فيها عن ذلك والله أعلم وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي والله أعلم
قوله فان أحدكم قال البيضاوي فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة لأن الشارع إذا ذكر حكما وعقبة بعله دل على أن ثبوت الحكم لاجلها ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات فإنه يبعث ملبيا بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرما قوله لايدري فيه أن علة النهي احتمال هل لاقت يده ما يؤثر في الماء أو لا ومقتضاه الحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظا ومفهومه أن من دري أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلا فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة وأن كان غسلها مستحبا على المختار كما في المستيقظ ومن قال بان الأمر في ذلك للتعبد كمالك لا يفرق بين شاك ومتيقن واستدل بهذا الحديث على التفرقه بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء وهو ظاهر وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح لكن كونها تؤثر التنجيس وأن لم يتغير فيه نظر لأن مطلق التاثير لا يدل على خصوص التاثير بالتنجيس فيحتمل أن تكون الكراهة بالمتيقن أشد من الكراهة بالمظنون قاله بن دقيق العيد ومراده أنه ليست فيه دلاله قطعيه على من يقول أن الماء لا ينجس الا بالتغيير قوله أين باتت يده أي من جسده قال الشافعي رحمه الله كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو على بثرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك وتعقبه أبو الوليد الباجي بان ذلك يستلزم الأمر بغسل ثوب النائم لجواز ذلك عليه وأجيب بأنه محمول على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل أو أن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر بغسله بخلاف اليد فإنه محتاج إلى غمسها وهذا أقوى الجوابين والدليل على أنه لا اختصاص لذلك بمحل الاستجمار وما رواه بن خزيمة وغيره من طريق محمد بن الوليد عن محمد بن جعفر عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة في هذا الحديث قال في آخره أين باتت يده منه وأصله في مسلم دون قوله منه قال الدارقطني تفرد بها شعبة وقال البيهقي تفرد بها محمد بن الوليد قلتان أراد عن محمد بن جعفر فمسلم وأن أراد مطلقا فلا فقد قال الدارقطني تابعه عبد الصمد عن شعبة وأخرجه بن منده من طريقه وفي الحديث الأخذ بالوثيقه والعمل بالاحتياط في العبادة والكناية عما يستحيا منه إذا حصل الإفهام بها واستحباب غسل النجاسة ثلاثا لأنه أمرنا بالتثليث عند توهمها فعند تيقنها أولي واستنبط منه قوم فوائد أخرى فيها بعد منها أن موضع الاستنجاء مخصوص بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه قاله الخطابي ومنها إيجاب الوضوء من النوم قاله بن عبد البر ومنها تقوية من يقول بالوضوء من مس الذكر حكاه أبو عوانة في صحيحه عن بن عيينة ومنها أن القليل من الماء لا يصير مستعملا بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء قاله الخطابي صاحب الخصال من الشافعية قوله باب غسل الرجلين كذا للأكثر وزاد أبو ذر ولا يمسح على القدمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.