صحيح البخاري
كتاب الوضوء حديث برقم-(161)
حدثنا موسى قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله
بن عمرو قال : تخلف النبي صلى الله عليه و
سلم عنا في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا
فنادى بأعلى صوته ( ويل للأعقاب من النار ) . مرتين أو ثلاثا
[ ر 60 ]
[ ش ( أرهقتنا العصر ) أدركناه وقد ضاق وقته . ( نمسح ) نغسل غسلا خفيفا كأنه مسح وربما بقيت لمعة من الرجل لم يمسها الماء لعجلتنا . ( ويل ) عذاب . ( للأعقاب ) جمع عقب وهو مؤخرة القدم وخصت بالذكر لأنها لم يغلب التقصير في غسلها ]
شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:
161 - قوله حدثني موسى بن إسماعيل هو التبوذكي قوله عنا في سفرة زاد في رواية كريمه سافرناها وظاهره أن عبد الله بن عمرو كان في تلك السفرة ووقع في رواية لمسلم أنها كانت من مكة إلى المدينة ولم يقع ذلك لعبد الله محققا الا في حجة الوداع أما غزوة الفتح فقد كان فيها لكن ما رجع النبي صلى الله عليه و سلم فيها إلى المدينة من مكة بل من الجعرانة ويحتمل أن تكون عمرة القضيه فإن هجرة عبد الله بن عمرو كانت في ذلك الوقت أو قريبا منه قوله أرهقنا بفتح الهاء والقاف والعصر مرفوع بالفاعليه كذا لأبي ذر وفي رواية كريمه بإسكان القاف والعصر منصوب بالمفعوليه ويقوى الأول رواية الأصيلي ارهقتنا بفتح القاف بعدها مثناة ساكنه ومعنى الارهاق الإدراك والغشيان قال بن بطال كان الصحابة اخروا الصلاة في أول الوقت طمعا أن يلحقهم النبي صلى الله عليه و سلم فيصلوا معه فلما ضاق الوقت بادروا إلى الوضوء ولعجلتهم لم يسبغوه فأدركهم على ذلك فأنكر عليهم قلت ما ذكره من تاخيرهم قاله احتمالا ويحتمل أيضا أن يكونوا اخروا لكونهم على طهر أو لرجاء الوصول إلى الماء ويدل عليه رواية مسلم حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر أي قرب دخول وقتها فتوضؤوا وهم عجال
قوله ونمسح على ارجلنا انتزع منه البخاري أن الإنكار عليهم كان بسبب المسح لا بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل فلهذا قال في الترجمة ولا يمسح على القدمين وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها وفي افراد مسلم فانتهينا إليهم واعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء فتمسك بهذا من يقول بأجزاء المسح وبحمل الإنكار على ترك التعميم لكن الرواية المتفق عليها أرجح فتحمل هذه الرواية عليها بالتاويل فيحتمل أن يكون معنى قوله لم يمسها الماء أي ماء الغسل جمعا بين الروايتين وأصرح منذلك رواية مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا لم يغسل عقبة فقال ذلك وأيضا فمن قال بالمسح لم يوجب مسح العقب والحديث حجة عليه وقال الطحاوي لما أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا يبقى منهما لمعة دل على أن فرضها الغسل وتعقبه بن المنير بان التعميم لا يستلزم الغسل فالرأس تعم بالمسح وليس فرضها الغسل
قوله ارجلنا قابل الجمع بالجمع فالارجل موزعه على الرجال فلا يلزم أن يكون لكل رجل ارجل قوله ويل جاز الابتداء بالنكره لأنه دعاء واختلف في معناه على أقوال اظهرها ما رواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعا ويل واد في جهنم قال بن خزيمة لو كان الماسح مؤديا للفرض لما توعد بالنار وأشار بذلك إلى ما في كتب الخلاف عن الشيعة أن الواجب المسح أخذا بظاهر قراءة وارجلكم بالخفض وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله وقد قال في حديث عمرو بن عبسه الذي رواه بن خزيمة وغيره مطولا في فضل الوضوء ثم يغسل قدميه كما أمره الله ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك الا عن على وبن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك قال عبد الرحمن بن أبي ليلى أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم على غسل القدمين رواه سعيد بن منصور وادعى الطحاوي وبن حزم أن المسح منسوخ والله أعلم قوله للاعقاب أي المرئيه إذ ذاك فاللام للعهد ويلتحق بها ما يشاركها في ذلك والعقب مؤخر القدم قال البغوي معناه ويل لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها وقيل أراد أن العقب مختص بالعقاب إذا قصر في غسله وفي الحديث تعليم الجاهل ورفع الصوت بالإنكار وتكرار المساله لتفهم كما تقدم في كتاب العلم
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.