صحيح البخاري
كتاب الحيض حديث برقم-(303)
حدثنا إسحق قال حدثنا خالد بن عبد الله عن خالد عن
عكرمة عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى
الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم. وزعم أن عائشة رأت ماء العصفر فقالت كأن هذا
شيء كانت فلانة تجده.
[ 1932 ]
[ش (اعتكف) أي في المسجد
. (بعض نسائه) هو سودة بنت زمعة وقيل أم سلمة وقيل غيرهما. (مستحاضة) هي التي نقص دم
حيضتها عن أقله أو زاد عن أكثره. (من الدم) لأجل الدم وكثرته. (زعم) أي لم يقل هذا
صراحة بل علم عنه بالقرائن. (كأن هذا شيء) أي ماء العصفر هذا يشبه ما كانت تجده. (فلاتة)
الظاهر أنها التي اعتكفت وهي مستحاضة].
فتح الباري:
قوله حدثنا خالد بن عبد الله هو الطحان الواسطي وشيخه خالد هو
بن مهران الذي يقال له الحذاء بالحاء المهملة والذال المعجمه المثقلة ومدار الحديث
المذكور عليه وعكرمة هو مولى بن عباس
قوله بعض نسائه قال بن الجوزي ما عرفنا من أزواج النبي
صلى الله عليه و سلم من كانت مستحاضه قال والظاهر إن عائشة أشارت بقولها من نسائه أي
النساء المتعلقات به وهي أم حبيبه بنت جحش أخت زينب بنت جحش قلت يرد هذا التأويل
قوله في الرواية الثانية امرأة من أزواجه وقد ذكرها الحميدي عقب
الرواية الأولى فما أدري كيف غفل عنها بن الجوزي وفي الرواية الثالثة بعض أمهات المؤمنين
ومن المستبعد أن تعتكف معه صلى الله عليه و سلم امرأة غير زوجاته وإن كان لها به تعلق
وقد حكى بن عبد البر إن بنات جحش الثلاث كن مستحاضات زينب أم المؤمنين وحمنة زوج طلحة
وأم حبيبة زوج عبد الرحمن بن عوف وهي المشهورة منهن بذلك وسيأتي حديثها في ذلك وذكر
أبو داود من طريق سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة استحيضت زينب بنت جحش
فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم اغتسلي لكل صلاة وكذا وقع في الموطأ إن زينب بنت
جحش استحيضت وجزم بن عبد البر بأنه خطأ لأنه ذكر أنها كانت تحت عبد الرحمن بن عوف والتي
كانت تحت عبد الرحمن بن عوف إنما هي أم حبيبة أختها وقال شيخنا الإمام البلقيني يحمل
على أن زينب بنت جحش استحيضت وقتا بخلاف أختها فإن استحاضتها دامت قلت وكذا يحمل على
ما سأذكره في حق سودة وأم سلمة والله أعلم وقرأت بخط مغلطاي في عد المستحاضات في زمن
النبي صلى الله عليه و سلم قال وسودة بنت زمعة ذكرها العلاء بن المسيب عن الحكم عن
أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين فلعلها هي المذكورة قلت وهو حديث ذكره أبو داود من
هذا الوجه تعليقا وذكر البيهقي أن بن خزيمة أخرجه موصولا قلت لكنه مرسل لأن أبا جعفر
تابعي ولم يذكر من حدثه به وقرأت في السنن لسعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن إبراهيم
حدثنا خالد هو الحذاء عن عكرمة أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم كانت معتكفة
وهي مستحاضه قال وحدثنا به خالد مرة أخري عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضه
وربما جعلت الطست تحتها قلت وهذا أولى ما فسرت به هذه المرأة لاتحاد المخرج وقد أرسله
إسماعيل بن علية عن عكرمة ووصله خالد الطحان ويزيد بن زريع وغيرهما بذكر عائشة فيه
ورجح البخاري الموصول فأخرجه وقد أخرج بن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية هذا الحديث كما
أخرجه سعيد بن منصور بدون تسمية أم سلمة والله أعلم
قوله من الدم أي لأجل الدم
قوله وزعم هو معطوف على معنى العنعنة أي حدثني عكرمة بكذا وزعم
كذا وأبعد من زعم أنه معلق
قوله كأن بالهمز وتشديد النون
قوله فلانه الظاهر أنها تعني المرأة التي ذكرتها قبل ورأيت على
حاشية نسخة صحيحة من أصل أبي ذر ما نصه فلانة هي رملة أم حبيبة بنت أبي سفيان فإن كان
ثابتا فهو قول ثالث في تفسير المبهمة وعلى ما زعم بن الجوزي من أن المستحاضه ليست من
أزواجه فقد روى أن زينب بنت أم سلمة استحيضت روى ذلك البيهقي والإسماعيلي في جمعه حديث
يحيى بن أبي كثير لكن الحديث في سنن أبي داود من حكاية زينب عن غيرها وهو أشبه فإنها
كانت في زمنه صلى الله عليه و سلم صغيرة لأنه دخل على أمها في السنة الثالثة وزينب
ترضع وأسماء بنت عميس حكاه الدارقطني من رواية سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة
عنها قلت وهو عند أبي داود على التردد هل هو عن أسماء أو فاطمة بنت أبي حبيش وهاتان
لهما به صلى الله عليه و سلم تعلق لأن زينب ربيبته وأسماء أخت امرأته ميمونة لأمها
وكذا لحمنة وأم حبيبة به تعلق وحديثهما في سنن أبي داود فهؤلاء سبع يمكن أن تفسر المبهمة
باحداهن وأما من استحيض في عهده صلى الله عليه و سلم من الصحابيات غيرهن فسهلة بنت
سهيل ذكرها أبو داود أيضا وأسماء بنت مرثد ذكرها البيهقي وغيره وبادية بنت غيلان ذكرها
بن منده وفاطمة بنت أبي حبيش وقصتها عن عائشة في الصحيحين ووقع في سنن أبي داود عن
فاطمة بنت قيس فظن بعضهم أنها القرشية الفهريه والصواب أنها بنت أبي حبيش واسم أبي
حبيش قيس فهؤلاء أربع نسوه أيضا وقد كملن عشرا بحذف زينب بنت أبي سلمة وفي الحديث جواز
مكث المستحاضه في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث
ويلتحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل قوله باب هل تصلي المرأه في ثوب حاضت فيه قيل
مطابقة الترجمة لحديث الباب أن من لم يكن لها إلا ثوب واحد تحيض فيه فمن المعلوم أنها
تصلي فيه لكن بعد تطهيره وفي الجمع بينه وبين حديث أم سلمة الماضي الدال على أنه كان
لها ثوب مختص بالحيض أن حديث عائشة محمول على ما كان في أول الأمر وحديث أم سلمة محمول
على ما كان بعد اتساع الحال ويحتمل أن يكون مراد عائشة بقولها ثوب واحد مختص بالحيض
وليس في سياقها ما ينفي أن يكون لها غيره في زمن الطهر فيوافق حديث أم سلمة وليس فيه
أيضا أنها صلت فيه فلا يكون فيه حجة لمن أجاز إزالة النجاسة بغير الماء وإنما أزالت
الدم بريقها ليذهب أثره ولم تقصد تطهيره وقد مضى قبل بباب عنها ذكر الغسل بعد القرص
قالت ثم تصلي فيه فدل على أنها عند إرادة الصلاة فيه كانت تغسله وقولها في حديث الباب
قالت بريقها من إطلاق القول على الفعل
وقولها فمصعته بالصاد والعين المهملتين المفتوحتين أي حكته وفركته
بظفرها ورواه أبو داود بالقاف بدل الميم والقصع الدلك ووقع في رواية له من طريق عطاء
عن عائشة بمعنى هذا الحديث ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بظفرها فعلى هذا فيحمل حديث
الباب على أن المراد دم يسير يعفى عن مثله والتوجيه الأول أقوى فائده طعن بعضهم في
هذا الحديث من جهة دعوى الانقطاع ومن جهة دعوى الاضطراب فأما الانقطاع فقال أبو حاتم
لم يسمع مجاهد من عائشة وهذا مردود فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير
هذا الإسناد وأثبته على بن المديني فهو مقدم على من نفاه وأما الاضطراب فلرواية أبي
داود له عن محمد بن كثير عن إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم بدل بن أبي نجيح وهذا
الاختلاف لا يوجب الاضطراب لأنه محمول على أن إبراهيم بن نافع سمعه من شيخين ولو لم
يكن كذلك فأبو نعيم شيخ البخاري فيه أحفظ من محمد بن كثير شيخ أبي داود فيه وقد تابع
أبا نعيم خلاد بن يحيى وأبو حذيفة والنعمان بن عبد السلام فرجحت روايته والرواية المرجوحة
لا تؤثر في الرواية الراجحة والله أعلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.