صحيح البخاري
كتاب الوضوء حديث برقم-(164)
حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن سعيد
المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال: لعبد الله بن عمر يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعا
لم أر أحدا من أصحابك يصنعها ؟ قال وما هي يا بن جريج ؟ قال رأيتك لا تمس من الأركان
إلا اليمانيين ورأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة ورأيتك إذا كنت بمكة
أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية . قال عبد الله أما الأركان
فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه و سلم يمس إلا اليمانيين وأما النعال السبتية فإني
رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يلبس النعل التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا
أحب أن ألبسها وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصبغ بها فأنا
أحب أن أصبغ بها وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه و سلم يهل حتى تنبعث
به راحلته
[ 5513 ، وانظر 1443 ، 1529 ]
[ ش أخرجه مسلم في الحج باب الإهلال من حيث تنبعث الراحلة رقم 1187
( الأركان ) أركان الكعبة الأ { بعة . ( اليمانيين ) تثنية يمان نسبة إلى اليمن والمراد بهما الركن الأسود والذي يسامته من مقابل الصفا وقيل للأسود يمان تغليبا . ( السبتية ) التي لا شعر فيها مشتقة من السبت وهو الجلد وقيل هو جلد البقر المدبوغ . ( أهل الناس ) أحرموا بالحج أو العمرة من الإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية . ( إذا رأوا الهلال ) أي هلال ذي الحجة . ( يوم التروية ) الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون فيه الماء أي يهيئونه وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يهل حتى يركب دابته قاصدا منى كما يتبين من جوابه . ( تنبعث به راحلته ) تستوي قائمة وهو متوجه إلى منى والراحلة ما يركب من الإبل ]
شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:
( قوله باب غسل الرجلين في النعلين )
ليس في الحديث الذي ذكره تصريح بذلك وإنما هو مأخوذ من قوله يتوضأ فيها لأن الأصل في الوضوء هو الغسل ولان قوله فيها يدل على الغسل ولو أريد المسح لقال عليها قوله ولا يمسح على النعلين أي لا يكتفي بالمسح عليهما كما في الخفين وأشار بذلك إلى ما روى عن علي وغيره من الصحابة بأنهم مسحوا على نعالهم في الوضوء ثم صلوا وروى في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره من حديث المغيرة بن شعبة لكن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي وغيره من الأئمة واستدل الطحاوي على عدم الأجزاء بالإجماع على أن الخفين إذا تخرقا حتى تبدو القدمان أن المسح لا يجزئ عليهما قال فكذلك النعلان لأنهما لا يفيدان القدمين انتهى وهو استدلال صحيح لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ولكن نشير إلى ملخص منها فقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى وأرجلكم عطفا على وامسحوا برءوسكم فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين فحكى عن بن عباس في رواية ضعيفة والثابت عنه خلافه وعن عكرمة والشعبي وقتادة وهو قول الشيعة وعن الحسن البصري الواجب الغسل أو المسح وعن بعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها من فعل النبي صلى الله عليه و سلم فإنه بيان للمراد وأجابوا عن الآية بأجوبة منها أنه قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على أيديكم وقيل معطوف على محل برءوسكم كقوله يا جبال أوبي معه والطير بالنصب وقيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين وقرر ذلك أبو بكر بن العربي تقريرا حسنا فقال ما ملخصه بين القراءتين تعارض ظاهر والحكم فيما ظاهره التعارض أنه أن أمكن العمل بهما وجب وإلا عمل بالقدر الممكن ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدي إلى تكرار المسح لأن الغسل يتضمن المسح والأمر المطلق لا يقتضي التكرار فبقي أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن وقيل إنما عطفت على الرءوس الممسوحه لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها فلمنع الإسراف عطفت وليس المراد أنها تمسح حقيقة ويدل على هذا المراد قوله إلى الكعبين لأن المسح رخصة فلا يقيد بالغاية ولان المسح يطلق على الغسل الخفيف يقال مسح اطرافه لمن توضأ ذكره أبو زيد اللغوي وبن قتيبة وغيرهما
164 - قوله عبيد بن جريج هو مدني مولى بني تيم وليس بينه وبين بن جريج الفقيه المكي مولى بني أمية نسب وقد تقدم في المقدمة أن الفقيه هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج فقد يظن أن هذا عمه وليس كذلك وهذا الإسناد كله مدنيون وفيه رواية الأقران لأن عبيدا وسعيدا تابعيان من طبقة واحده
قوله أربعا أي أربع خصال قوله لم أر أحدا من أصحابك أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم والمراد بعضهم والظاهر من السياق انفراد بن عمر بما ذكر دون غيره ممن رآهم عبيد وقال المازري يحتمل أن يكون مراده لا يصنعهن غيرك مجتمعه وأن كان يصنع بعضها
قوله الأركان أي أركان الكعبة الأربعة وظاهره أن غير بن عمر من الصحابة الذين رآهم عبيد كانوا يستلمون الأركان كلها وقد صح ذلك عن معاوية وبن الزبير وسيأتي الكلام على هذه المسألة في الحج إن شاء الله تعالى
قوله السبتيه بكسر المهمله هي التي لا شعر فيها مشتقة من السبت وهو الحلق قاله في التهذيب وقيل السبت جلد البقر المدبوغ بالقرظ وقيل بالسبت بضم أوله وهو نبت يدبغ به قاله صاحب المنتهى وقال الهروي قيل لها سبتيه لأنها انسبتت بالدباغ أي لا نت به يقال رطبه منسبته أي لينه قوله تصبغ بضم الموحده وحكى فتحها وكسرها وهل المراد صبغ الثوب أو الشعر يأتي الكلام على ذلك حيث ذكره المصنف في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى قوله أهل الناس أي رفعوا أصواتهم بالتلبية من أول ذي الحجة
قوله ولم تهل أنت حتى كان ولمسلم حتى يكون يوم الترويه أي الثامن من ذي الحجة ومراده فتهل أنت حينئذ وتبين من جواب بن عمر أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدا إلى مني وسيأتي الكلام على هذه المسألة أيضا في الحج إن شاء الله تعالى
قوله قال عبد الله أي بن عمر مجيبا لعبيد وللمصنف في اللباس فقال له عبد الله بن عمر قوله اليمانيين تثنية يمان والمراد بهما الركن الأسود والذي يسامته من مقابلة الصفا وقيل للأسود يمان تغليبا قوله فاني أحب أن اصبغ وللكشميهني والباقين فأنا أحب كالتي قبلها وسيأتي باقي الكلام على هذا الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.