الرد على شبهة ذكر السماوات السبع في الحضارات القديمة

قال المشبهون الناعقون من الملحدين ومن هم على شاكلتهم من أهل الكتاب بأن رسولنا عليه الصلاة والسلام لم يأتي بشيء جديد عندما ذكر السماوات السبع، لأن السماوات السبع قد جاء ذكرها في الحضارات والديانات القديمة مثل ديانة بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث أن فكرة السماوات السبع كانت قد نبعت في ديانة ما بين النهرين كما أن التعويذات السومرية الأثرية العائدة إلى الألفية الثانية لما قبل الميلاد قد أشارت إلى سبع سماوات وسبع أرضين.


وقالوا أيضا كما وأن مثل هذا المفهوم قد وجد في الديانات الهندية مثل الهندوسية وغيرها من الديانات الوثنية القديمة.
ثم تابعوا في نعقهم أين هو الجديد الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام، حتى راحوا يرمون رسولنا عليه السلام بأنه قد أتى بتلك الفكرة بعد أن أخذها من الحضارات القديمة.

الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين ثم أما بعد:
دعني أصفع نواصي ها أولاء التافهين بكلمات الحق المنزلة وذلك لكي نريهم أين هو الجديد الذي أتى به رسولنا وحبيبنا وسيد ولد آدم عليه أفضل الصلاوات وأتم التسليم.

بداية وقبل كل شيء دعني أخي القارئ أشرح لك أمرا بسيطا وهو كيف يمكننا أن ننسف تلك الشبهة عن بكرة أبيها؟

والجواب يكون لو استطعنا أن نجد آية في كتاب الله -تعالى- تبين أو تشير إلى أن الحضارات والديانات القديمة كانت فعلا تعلم بوجود السماوات السبع، في حال وجناها، فإن ذلك يدل على أن القرآن الكريم يعترف ويقر بأن الحضارات القديمة كانت تعلم بوجود سبعة سماوات، عند ذلك ستنهار الشبهة انهيارا حتميا، لأن ذلك يبرهن بأن القرآن الكريم يعترف بعلم الأمم السابقة بالسماوات السبع وأنه ليس وحده الذي تفرد بذكرها، فالملحدون أو أعداء الدين يبنون شبهتهم لما توهموا أن القرآن الكريم يتفرد بذكر السماوات السبع.

فإن وجدنها ستنهار الشبهة وستضعضع الملحد الكافر أيما ضعضعة تزلزله وترجفه رجفا.
والآية الكريمة قد أنزلها الله -تعالى- بعد أن علم بها أولاء الكفار الملاحد من قبل أن يخلقهم ويبثهم في الأرض قد علم بهم من قبل أن ينبتهم من الأرض كما ينبت الزرع والحب والأب، سبحانه وتعالى عما يشركون،
والآية في قوله -تعالى-:
( 1 )   إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
( 2 )   قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
( 3 )   أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ
( 4 )   يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
( 5 )   قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا
( 6 )   فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا
( 7 )   وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا
( 8 )   ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا
( 9 )   ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا
( 10 )   فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا
( 11 )   يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا
( 12 )   وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا
( 13 )   مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا
( 14 )   وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا
( 15 )   أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا
( 16 )   وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا
سورة نوح.

القرآن الكريم يقر بأن أقدم أمة كانت على وجه الأرض قد كانت على علم بوجود سبع سماوات وهي أمة نوح عليه السلام وهي من حضارة ما قبل الطوفان ذلك أن قوله -تعالى- في سورة نوح (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا) قد دل وبرهن على ذلك، حيث أن قوم نوح كانوا يعلمون بالسماوات السبع فقوله -تعالى- (أَلَمْ تَرَوْا) قد جاء على سبيل الجزم بعلم الشيء بشكل مسبق قبل السؤال عنه أو حوله، واعراب الآية يكون على الشكل التالي:
(أَلَمْ تَرَوْا) الهمزة حرف استفهام ومضارع مجزوم بلم والواو فاعله (كَيْفَ) اسم استفهام حال (خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ) ماض وفاعله ومفعوله (سَماواتٍ) مضاف إليه (طِباقاً) صفة سبع وجملة خلق سدت مسد مفعولي تروا.

فهي على سبيل القول: ألم ترى بأن عمر قد صنع كذا وكذا.... ألم ترى كيف صنع عمر كدا وكذا....

ولأن حقيقة السماوات السبع قد كانت معروفة في قوم نوح عليه الصلاة والسلام من قبل أن يحل عليهم غضب الله -تعالى- إذ أغرقهم بطوفان عظيم فلم يذر منهم من أحد على وجهها، في حين أنه سبحانه وتعالى قد أنجى الذين آمنوا من قوم نوح معه،
فقال سبحانه:
( 64 )   فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ.
سورة الأعراف.

ثم إن من بقي من قوم نوح عليه السلام ممن أنجاهم الله -تعالى- مع نوح عليه السلام في الفلك، هم بدورهم الذين توارثوا حقيقة السماوات السبع وأورثاها لمن جاؤوا بعدهم، لذا فإنه لمن الطبيعي بأن تعم حقيقة السماوات السبع على وجه الأرض وتشيع بين الأمم كما أنه من الطبيعي أيضا بأن تُنشر بين الناس على أنها حقيقة مقدسة، لأنهم كانوا قد توارثوها ممن كان قبلهم على أنها حقيقة مقدسة ولعل هذا يفسر أو يعلل سبب تواجد تلك الحقيقة بين سطور النصوص الدينية السومرية القديمة، كما يجدر بالذكر بأن رسول الله -تعالى- نوح عليه السلام قد كان معروفا لدى جميع الأمم والحضارات السالفة بما فيها السومرية حيث أنهم كانوا يسمونه أوتنابشتم أو أتراحسيس والذي قد ورد ذكره في ملحمة جلجامش السومرية كما وورد فيها أيضا ذكر الطوفان العظيم.
وعلى ذلك تكون الشبهة قد انهارت بفضل الله -تعالى- ومنته، فلم يعد يحق للملحد النعيق بها تارة أخرى.
فها هو القرآن الكريم قد أقر بمعرفة أقدم حضارة قديمة لحقيقة السماوات السبع وعلمهم بها.

كما ويجدر بالذكر ها هنا أن الله -تعالى- قد جعل عبده و رسوله نوح محبوبا بين الأمم فكل الأمم السابقة قد علمت بنوح وقصة الطوفان حتى أن نبي الله -تعالى- نوح عليه السلام قد كان يعتبر لهم بمثابة بطل قد أنقذ البشرية.
وقال الله -تعالى-:
( 75 )   وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ
( 76 )   وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
( 77 )   وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ
( 78 )   وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
( 79 )   سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ
( 80 )   إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
( 81 )   إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ.
سورة الصافات.


تم بفضل الله -تعالى- وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آل بيته وصحبه وسلم تسليما كثيرة.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.