الرد على شبهة حول إعجاز القرآن الكريم

قال الملحدون والذين في قلوبهم أمراض عفنة: أن القرآن الكريم أوقع نفسه بنفسه عندما تحدى الإنس والجن بأن يأتوا بمثله!
ثم عَّرجوا كلامهم على ما قد نُسب زورا وبهتان إلى العالم المسلم أبو بكر الرازي وهو هذا القول الذي يتشدق به الملاحدة بين الحينة والأخرى: "إنكم تدعون أن المعجزة قائمة وموجودة وهي القرآن


وتقولون: "من أنكر ذلك فليأت بمثله"؛ إن أردتم بمثله في الوجوه التي يتفاضل بها الكلام فعلينا ان نأتيكم بألف مثله من كلام البلغاء والفصحاء والشعراء وما هو أطلق منه الفاظا، وأشد إختصارا في المعاني، وأبلغ أداءً وعبارة وأشكل سجعا، فان لم ترضوا بذلك فنطالبكم بالمثل الذي تطالبونا به (؟)!"

ثم يتابع الملحد قائلا: إن حجة القرآن قد انقلبت عليه، فليس في وسع انسان بأن يأتي ما جاء به آخر.



الرد:
إن حجتهم لهي بإذن الله تعالى أوهن من بيت العنكبوت بل إنها وإن دلت فإنما تدل على مدى غبائهم وكأنهم قد وقعوا في فخ قد تم نصبه لهم قبل أكثر من 1400 سنة، بل إنهم ولشدة حمقهم يظنون وكأن الله لم يعلم بهم منذ أن خلق السماوات والأرض، بلى إنه سبحانه وتعالى قد أحصاهم وعدهم عدا.

والآية الكريمة التي استهزئ بها الملحدون هي في قوله -تعالى-:
( 88 )   قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا.
سورة الإسراء.

سبحان الله كيف أنه استدرجهم إلى هذا الفخ العظيم كما استدرج من قبلهم فرعون إلى اليم قبل أن يغرقه ثم ليأخذه أخذ عزيز مقتدر.


إذا فهم يقرون بأن لا أحد يمكنه بأن يأتي ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كتاب الله -تعالى- القرآن الكريم.

والآن أخي القارء ركز معي فلو قلت لك: أنا عندي عشرين كيلوا غرام من الذهب، لذلك فإنا أغنى منك مالا، ثم ضربت لك تحديا فقلت لك أحضر عشرين كيلو غرام من الذهب مثل ما عندي إن استطعت، ثم رحت أتحداك وأستهزء بك محاولا استفزازك، ثم مرت عشر سنوات وإذا بك تأتي إلى ثم لتقول لي: اسمع يا هذا لقد سبق وأن تحديتني بأن أحضر مثلما عندك فها أنا ذا أصبح عندي واحد وعشرون كلوا جرام من الذهب.
وفي هذه الحالة تكون أنت قد تفوقت علي.

وعلى ما ضربنا من مثل تمهيدا لما سنعرضه ها هنا، فنقول هكذا تماما ستنهار حجتهم، حيث أن ما طالبونا به في عهد الرازي من كتب العلوم على شتى اختلافاتها ما بين فلسفة وهندسة وعلوم في الطب والرياضيات والفلك وما إلى ذلك، قد أصبحت اليوم علوما باليا عتيقة لا فائدة لها اليوم ولا ينظر إليها إلا على سبيل التراث، ذلك أن الإنسان العصري قد أتى بما يتفوق على تلك العلوم أضعافا كثيرة، فالكتب التي طالبون بأن نأتي بمثلها والتي كانت في عهد الرازي عندما قالوا بأن لا يمكن لشخص ما بأن يأتي بما جاء به شخص آخر، فتكون تلك الحجة قد سقطة شر سقطة لماذا؟ لأن العلماء من أهل وأصحاب تلك الفنون قد جاؤوا اليوم بأفضل من تلك الكتب والعلوم، ليس ذلك فحسب إنما جاء علماء اليوم بما يثبت ويبرهن على كثرة أخطاء تلك الكتب التي كانت في عصر الرازي.

مثال آخر للتوضيح فلان من الناس يعمل كمنتج سنمائي أنتج فيلما ثم قال أنا أتحدى بأن ينتج منتجا آخر فيلما مثل فلمي هذا، ثم يحدث بأن يأتي منتج سنمائي آخر غيره فينتج فيلما سينمائيا أجمل من فلمه بكثير، عند إذ يكون قد تفوق عليه فهم لم يأتي بمثل ما جاء به الأول فحسب إنما قد سبقه وظهر على أنه أبرع منه.

كمثل رجل آخر كان يعد الأرقام فعد حتى الرقم مليون فلما فرغ قال: ها أنا ذا قد عددت الى المليون فأتحد من يستطيع بأن يعد مثل، فجاء آخر فعد مليون وواحد، فكان في تلك الحالة قد جاء بمثل ما طلب الأول ثم تفوق عليه.
أو كالذي بلغ بسيترنه سرعو مائتين وستين كيلو مترا، ثم ضرب تحدا طالب فيه شخص ما بأن يبلغ بسيارة سرعة ما بلغ هو، فحدث بأن جاء سائق آخر أطلق العنان لسيارته فبلغ سرعة مئتي وستين كيلو مترا فعادله أي أحضر ما طلب في تحديه، ثم بلغ سرعة مئتي وسبعين فتفوق عليه.

ولعل الفكر قد وصلت للأخ القارئ العزيز فأصبحت أكثر وضوحا.

أما ما أنزل الله سبحانه وتعالى في كتابه حيث تحدى الانس والجن مجتمعين على أن يأتوا بمثل القرآن الكريم، فإنه سبحانه وتعالى قد خفف لهم التحدي على أضعف وجه حيث لم يطالبهم بأحسن منه، إنما طالبهم بأن يأتوا بمثله.
ومنذ أن أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإلى الأن ما من أحد استطاع أن يأتي بمثل ولو آية واحدة ولا حتى ربع آية من القرآن الكريم.
في حين أن الله سبحانه وتعالى قد بين بأنه أنزل الأحسن والأمثل والأقوم والأعلى والأجّل والأعدل والأفصح والأبلغ والأحكم والأثنى والأعظم الخ..

وهو القائل سبحانه:
( 33 )   وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا.
سورة الفرقان.

وقال أيضا:
( 9 )   إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا.
سورة الإسراء.

والحاصل أن هذا القرآن الكريم سيبقى إلى يوم القيامة الكتاب المتفوق على كل الكتب، وما كان ولن يكون لمخلوق بأن يأتي بمثل شطر آية من مثله، كما أن قيمته العظيمة إنما ستأتي يوم القيامة وسيعلمها الجميع الخلق والعباد ويرونها فيعرفونها.

وقال -تعالى-:
( 52 )   وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
( 53 )   هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ.
سورة الأعراف.


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
تم بفضل الله تعالى.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.