خطورة تعدد الزوجات في الإسلام


تخيل لو أنك تمتلك خمسة أحصنة كلها ذكور، بالتأكيد أنت تعلم كل شيء عن تلك الأحصنة، أيهم أسرع عدوا وأكثر نشاطا وألمع جمالاً، بالإضافة فإن مربي الخيول يعرف عادة بأنه يتتبع أصول وانساب الخيول التي يربيها.
والسؤال ها هنا، لو أنك أردت في هذه الحالة تزويج واحد من تلك الخيول الخمسة التي تمتلكها، فأي خيل منها ستزوج؟



والجواب هو بالتأكيد فإنك ستزوج الحصان الأفضل من بينهم، والذي يتسم بسرعة عدوه ونسبه العربي الأصيل وجماله الملفت وغرته المتدلية على عينيه الخ..
هكذا يكون الجواب المنطقي، نبحث عن الحصان الأفضل ثم نزوجه من الحجر المناسبة له، فتحبل الأنثى ويأتي المولود، الذي أصبح نسبه يعود إلى الأفضل.
ولكن طالما الوضع هكذا، فلماذا لا نأتي بأنثى ثانية للحصان، ثم نزوجه إيها فتحبل فيأتي المولود، الذي أصبح نسبه يعود للحصان الأفضل، وعلى ذلك يصبح لدنيا مولودين، يعود نسبهما إلى الحصان الأفضل.
فالذكر الأفضل هو الذي يجب أن يحظى بتلقيح أكثر من أنثى، بغية الحفاظ على نسله والإكثار منه.

ولو أننا أخذنا هذا الموضوع من ناحية أخرى، فألقينا الضوء على أناث الخيل اللائي جمعناهن أو زوجناهن بذكر الحصان هذا، فما ذنبهن أن يكن كلهن لذكر واحد فقط، لماذا لا تحظى كل أنثى منهن بذكرها أو زوجها الخاص؟
ذنبهن أنهن قد أصبحن إناثا للحصان الأفضل.

وهذا المنطق نفسه خذه واحمله ولا حرج، ثم أسقطه على الإنسان، حيث أن الرجل، الذي يستطيع تطبيق الشروط الموجودة في القرآن الكريم، التي قضت بالسماح للرجل بالزواج من أربعة نساء، (كالعدل بينهن وإطعامهن وكسوتهن وتلبية طلباتهن وتحقيق رغباتهن)، فالرجل الذي يتوفر على تلك الشروط، استحق وبجدارة لقب الرجل الأفضل، حيث أنه قد حقق الشروط الأخلاقية والبدنية، فالذي يعدل ويقسم قسمة الحق بين نساءه، لأنه لا يمكن لأي شخص تحقيق العدالة إلا أذا استوفى الأخلاقيات الرفيعة والمثل العليا، ك المستمدة من كتاب الله -تعالى- وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
أما من الناحية البدنية أو بمعنى آخر القدرة الجنسية، فهذه هي الخصوبة، التي لا تتوفر إلا في الجسم السليم الصحي الرياضي والمعافى. وعلى ذلك فإن من استوفى تلك الشروط، كان من الجدير به أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، بهدف ضخ المزيد من الذرية، والتي بدورها تكون قد أتت من صلب رجل مثالي لأن يكون أبا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأنه سيوَرِث صفاته المثالية لأبنائه، إن كانت من الناحية الأخلاقية أو البدنية.
لذلك فلو ذهبنا إلى رصيف آخر وألقينا نظرة على المجتمع، فإننا من الطبيعي أن نجد رجالا أغنياء مقتدرين بدنيا وماديا أصحاب اخلاق رفيعة، تتوفر فيهم الشروط المذكورة في كتاب الله -تعالى-.
وفي المقابل آخرون لم تتواجد فيهم، أو أنهم قد توفروا على بعضها، وها أولاء لن نتطرق إليهم، بل إننا سنوجه الأوائل إلى ما شرع الله -تعالى- في كتابه المجيد، وذلك بأن نجعلهم يتزوج واحدهم من أكثر من امرأة، فالنتيجة ستكون ضخ المزيد من الذرية الصالحة أخلاقيا وبدنيا في المجتمع، ولو استمر هذا الوضع سنين طويلة لوجدت المجتمع بدأ فعلا يتغير إلى الأفضل دينيا وأخلاقيا وبدنيا وماديا وعقليا ذهنيا.
أما عن النساء، فما حال النسوة اللائي قد أصبحت الواحدة منهن ضرة لأخرى، فما ذنبهن أن يكن ضرائر بعضهن ليس لواحدتهن زوجها الخاص، وذنبهن أنهن في أحضان الرجال الأمثل والأصلح والأجدر لهم أن يكونوا أزواجا وآباء. طبعا لا شك أنه وفي بادئ الأمر سيكون هناك الكثير من الاعتراض بين النساء على تعدد الزوجات، ولكنه سيهبط إلى أكثر من النصف بعد أربعين عاما، وسيبقى هكذا حتى يتلاشى، ويعود السبب في ذلك إلى أن المرأة ستكون أبنة أمها، والتي هي بدورها الزوجة رقم أربعة لأبيها، لا بد أن تلك المرأة ستكون ذات أخلاق رفيعة وذكاء ثاقب وجمال فتان، بالإضافة إلى الغنى المادي الذي تتمتع به، وكيف لا وهي ابنة الرجل الأفضل والذي هو في الغالب (أي والد المرأة) ابن الرجل الأفضل، وقس على ذلك حتى يرتفع المعدل.

ولكن هذا الرصيف الذي لا نزال واقفين عليه، فإنه ومع الأسف لا يمكننا من تحقيق ما كنا قد استنبطناه من كتاب الحكم العظيم كتاب الله -تعالى-، حيث أننا لا نملك تحقيق ما نرنو إليه في هذا المجتمع، لماذا؟ لأن هذا الأمر تحديدا إنما هو بيد الله -تعالى- وحده، ولا صلاحية لأحد غيره أن يتم ذلك.
وقال الله -تعالى-:
لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50).
سورة الشورى.

أعتقد بأن الأمر بدأ يتجلى شيئا فشيئا، وها قد أشرق نور الحكمة العظيمة من كتاب الله -تعالى-، فقد ظهر الأمر بأنه ليس تفكير إنسان ولا أي مخلوق، خصوصا عندما أنزل الله -تعالى- القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، آنذاك لم يكن الفكر البشري قد نمى إلى المنظور الإستراتيجي بمعنى تخطيط أو هندسة المجتمعات، على الرغم من أن زواج الرجل بأكثر من امرأة، قد كان شائعا في معظم المجتمعات، ولكنه لم يكن منطلقا من منظور تحسين النسل والذرية أخلاقا وخلقا.
وقال الله -تعالى-:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)
سورة النساء.

ولو أن دولة ما تبنت أمر تعدد الزوجات بشكل منظم، ثق تماما بأن وضع النسل والذرية سيتغير بشكل ملحوظ بعد 100 عام، لأن الرجل صاحب الأخلاق العالية والمقتدر بدنيا وماليا، في الغالب إن ذريته ستكون مثله أو لعلها قد تأتي أفضل منه، باستثناء من أراد الله -تعالى- فيهم شيئاً. وعلى ذلك فإننا سنحصل على مجتمع ترتفع فيه نسبة الناجحين والأفضل من الناحية الأخلاقية والبدنية والأكثر ذكاءً.

ودعني أقول بأن الناس الذين يستهزؤون بما شرع الله -تعالى- للرجل بأن يتزوج من أربع نساء، هم إنما (أي المستهزئين) أشخاص قمة في الجهل، وكأن الله -تعالى- قد أعماهم عن هذه القضية، نظرا لما فيها من الأمور الحسنة والتي لا تعود على المجتمع إلا بالخير الخالص بعضها كما ذكرناه سابقا. لأنه لن يستطيع تنفيذ هذا التشريع، إلا رجل فضله الله -تعالى-، بأن جعله يتمتع بخصال حميدة، كالأخلاق الرفيعة والقدرة العقلية والبدنية وما إلى ذلك، وبالتالي فإن هذا الرجل لن تكون ذريته إلا ذرية حسنة إما أشبه به وإما أفضل منه، وإن كانوا أقل منه فلن يكونون سيئين.
ومن ناحية أخرى فإن الرجل الفقير ماليا أو الضعيف بدنيا أو الأقل ذكاءً وحتى الأقل وسامة، فها أولاء لن يستطيع أحدهم الزواج من أكثر من امرأة إلا في حالات نادرة، ولن يكون الأمر إلا للرجل الأفضل.

فعندما كان في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشرة امرأة، إنما يدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الرجل الأفضل فعلا وحقا، ولو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل، لوهبه الله -تعالى- ذرية يعدلون مكة والمدينة معا، وذلك لما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخلاق حميدة ورفيعة وقدرات عقلية وذهنية وبدن أو جسد صحي معافا سليم، كما وننوه إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فقيراً، ولكنه كان كثير الصدقة أي يتصدق بماله ويما يرزقه الله -تعالى- إلى الفقراء على الدوام، فأنين بطون الفقراء والجياع كان دائما ما يجد صداه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك كان يتصدق بكل ما يأتيه من أموال، ولو أنه عليه الصلاة والسلام أراد جمع الأموال وكنزها، لعدلت ثروته ما يفوق حجم الكعبة ذهبا، ولكنه عليه الصلاة والسلام لم تكن الدنيا مبتغاه، بل الدار الآخرة.

كان هذا أحد وجوه الحكمة من تعدد الزوجات، وسأستأنف ما تبقى فيما بعد إن شاء الله -تعالى-،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.