صحيح البخاري
كتاب الوضوء حديث برقم-(223)
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور
عن أبي وائل عن حذيفة قال
: رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه و سلم نتماشى
فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت
عند عقبه حتى فرغ
[ ر 222 ]
[ ش أخرجه مسلم في الطهارة
باب المسح على الخفين رقم 273
( فاتنبذت ) تنحيت عنه
وابتعدت . ( عند عقبه ) قريبا منه والعقب مؤخرة القدم ]
فتح الباري:
قوله جرير هو بن عبد الحميد ومنصور وهو بن المعتمر قوله رأيتني
بضم المثناة من فوق
قوله فانتبذت بالنون والذال المعجمة أي تنحيت يقال جلس فلان نبذة
بفتح النون وضمها أي ناحية
قوله فأشار إلى يدل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه وإنما
صنع ذلك ليجمع بين المصلحتين عدم مشاهدته في تلك الحالة وسماع ندائه لو كانت له حاجة
أو رؤية إشارته إذا أشار له وهو مستدبره وليست فيه دلالة على جواز الكلام في حال البول
لأن هذه الرواية بينت أن قوله في رواية مسلم أدنه كان بالإشارة لا باللفظ وأما مخالفته
صلى الله عليه و سلم لما عرف من عادته من الابعاد عند قضاء الحاجة عن الطرق المسلوكة
وعن أعين النظارة فقد قيل فيه إنه صلى الله عليه و سلم كان مشغولا بمصالح المسلمين
فلعله طال عليه المجلس حتى أحتاج إلى البول فلو أبعد لتضرر واستدنى حذيفة ليستره من
خلفه من رؤية من لعله يمر به وكان قدامة مستورا بالحائط أو لعله فعله لبيان الجواز
ثم هو في البول وهو أخف من الغائط لاحتياجه إلى زيادة تكشف ولما يقترن به من الرائحة
والغرض من الابعاد التستر وهو يحصل بارخاء الذيل والدنو من الساتر وروى الطبراني من
حديث عصمة بن مالك قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض سكك المدينة
فانتهى إلى سباطة قوم فقال يا حذيفة استرني فذكر الحديث وظهر منه الحكمة في ادنائه
حذيفة في تلك الحالة وكان حذيفة لما وقف خلفه عند عقبة استدبره وظهر أيضا أن ذلك كان
في الحضر لا في السفر ويستفاد من هذا الحديث دفع أشد المفسدتين بأخفيهما والاتيان بأعظم
المصلحتين إذا لم يمكنا معا وبيانه أنه صلى الله عليه و سلم كان يطيل الجلوس لمصالح
الأمة ويكثر من زيارة أصحابه وعيادتهم فلما حضره البول وهو في بعض تلك الحالات لم يؤخره
حتى يبعد كعادته لما يترتب على تأخيره من الضرر فراعى أهم الامرين وقدم المصلحة في
تقريب حذيفة منه ليستره من المارة على مصلحة تأخيره عنه إذ لم يمكن جمعهما
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.