أين البلاغة في وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا

 ما هو وجه البلاغة في قوله -تعالى-: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ.

مر أمامي أحد المشاهد كانت هناك امرأة لا أدري إن كانت ملحدة أم نصرانية ولكنها كانت تتهكم على القرآن الكريم

وتقول أين البلاغة وما الفائدة من الآية (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). 

الرد:

طبعا الملحدة حاولت بشكل غير مباشر استغلال ذكر الحمير في الآية الكريمة فهي تسفه الحمار وتستحقره وتعتبر نفسها أنها أعلى منه وتنظر إليه نظرة فوقية وتعتبره كائنا ذليلا، ومن هذا المنطلق تحاول الإيحاء للسامع أن الآية سفيهة ولا فائدة منها ولا بلاغة فيها كونها أتت على ذكر الحمار!

وعند سؤال الملحدة عن أين البلاغة في الآية؟ كان الجواب بتعريف البلاغة أولا والتي تعني إيصال المعنى أو المغزى بأقل عدد من الكلمات وقد أوصلت الآية الكريمة المغزى والمعنى.

أما الآية الكريمة فهي من سورة النحل حيث استفتح الله بها بإنذار للناس عن يوم اقتراب قدوم يوم القيامة ثم أتى على ذكر الملائكة الكرام بأنه ينزلهم ويرسلهم إلى من يشاء ثم أتى على ذكر خلقه للسماوات والأرض ثم أتى على ذكر خلقه للإنسان وعقب عليه كيف أصبح الإنسان خصيما لله بشكل واضح ومن ثم أتى على ذكر خلقه للأنعام ومن هنا يبدأ الرد ونورد قول الله -تعالى-:

    ( 5 )   وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ 

     ( 6 )   وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ

     ( 7 )   وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ

     ( 8 )   وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ. سورة النحل. 

فالله سبحانه وتعالى منى على عباده بأن خلق لهم الأنعام كالأبقار والأغنام والماعز فتلك الحيوانات نتخذ من لحومها طعاما لنا ومن ألبانها شرابا وطعاما أيضا كمشتقات الحليب مثل الجبن واللبن الرائب واللبنة والحلويات كما ونتخذ من جلودها لباسا كالسترات والأحذية التي نتدفأ بها في البرد القارس كما أنها تعتبر لنا زينة حيث أننا نتباهى بستراتنا وأحذيتنا المصنوعة من جلود الحيوانات فهي زينة كما هي لباس.

وبالنظر إلى النص القرآني نلاحظ أن الله سبحانه يذكر الكائن الذي خلقه ثم يعلل سبب خلقه له فعندما ذكر الأنعام (الحيوانات أو المواشي) كالأبقار والأغنام والماعز، قال لتكون طعام لكم ول تستخرجون منها الألبسة والحلي وما إلى ذلك، وعندما أتى على ذكر الخيل والبغال والحمير علل سبب خلقها لتكون ركوبا لنا تحملنا وتحمل أثقالنا ولقضاء الكثير من الحاجيات الأخرى كالزراعة مثلا.

فقد خلق الله -تعالى- الخيل (الحصان والفرس) وقد جعلها رشيقة سريعة ممشوقة القوام جميلة تتمتع بالذكاء نفسها عزيزة أصيلة والكثير من الصفات الحميدة والتي لطالما كان لها الدور الفعال في الحروب وكانت ولا تزال تستخدم في السباقات والرياضات الأخرى. وخلق أيضا الحمار فجعله صبورا جلودا مطيعا يتحمل العمل الجوع والعطش في مختلف البيئات الباردة أو الحارة أيضا ولطالما كان للحمار الدور الفعال في التنمية البشرية حيث كان ولا يزال يعتمد عليه في الزراعة والسفر ونقل البضائع والحاجيات. ثم خلق البغل والذي هو بين الحصان والحمار وللبغل صبر الحمار وقوة مقاربة لقوة الحصان وأيضا كثيرا ما كان يتم الاعتماد على البغل في الزراعة والسفر ونقل البضائع الخ.

وهنا نأتي إلى لب الرد على الملحدة التي اعترضت على هذه الآية وقالت أين البلاغة في قوله -تعالى-(لتركبوها) ووجه البلاغة هو أنه لو لم يجعل الله -تعالى- الخيل والبغال والحمير للركوب لما كان لنا أن نستأنسها أو نستخدمها للركوب أو الزراعة والحصاد ونقل البضائع والحروب والرياضة باختصار لما كنا لندرك كل هذه الفوائد لو لم يجعلها الله -تعالى- لهذا الشأن. والدليل على سبيل المثال لا يمكن استخدام حيوان آخر كالأسد أو الضبع أو الزرافة أو حتى الحمار الوحشي اللهم إلا الفيل لكنه يبقى غير فعال كالخيل والبغال والحمير.

 

لذا لو لم يجعل الله -تعالى- تلك الحيوانات ركوبا للإنسان لما استطاع الإنسان استخدامها ولا استئناسها،

قال الله -تعالى-:

        ( 71 )   أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ

             ( 72 )   وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ

              ( 73 )   وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ. سورة يس.

 

 

وأقول لتلك الملحدة أنك مخطئة عندما سفهتِ الحمار واستعليتِ عليه لتسفهِ من الآية الكريمة. فلو طرحنا سؤالا مفاده أأنت أكثر نفعا للبشرية أم الحمار لكان الجواب الحمار أكثر منك نفعا فكثيرا ما ساهم الحمار في التنمية البشرية وقدم للبشرية خدمات النقل والحرث والحصاد ورعي الأغنام والتنقل والوصول إلى أماكن معقدة وعرة لا يمكن لا للسيارة ولا للطيارة الوصول إليها.

والمغزى الثاني للآية الكريمة هو لكي يعلم الإنسان أن هذه الحيوانات (الخيل البغال الحمير) لم تأتي إلى الحياة وحدها إنما خلقها الله -تعالى- رحمة منه على عباده ورأفةً بهم.  

وبغض النظر عن أننا حاليا في عصر السرعة والكهرباء ووسائل النقل الميكانيكية كالطيارات والسيارات والقطارات والدراجات البخارية وآلات الحصاد وغيرها إلا أنه لا يزال يعتمد على تلك الحيوانات في الكثير من بقاع الأرض ولا تزال أسعارها تضاهي شتى أسعار السيارات وحتى الفاخرة منها وإلى الآن لا تزال الناس تتخذها زينة.

 

ونختم بقول الله -تعالى-:

( 14 )   زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ. سورة آل عمران





                                   



Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.