أين كنت يا أبا هريرة قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال سبحان الله إن المسلم لا ينجس 279

صحيح البخاري

كتاب الغسل حديث برقم-(279)


حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا يحيى قال حدثنا حميد قال حدثنا بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: (أين كنت يا أبا هريرة) قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال: (سبحان الله إن المسلم لا ينجس).

 [ 281 ]
 [ ش أخرجه مسلم في الحيض باب الدليل على أن المسلم لا ينجس رقم 371
 ( فانخنست ) تأخرت وانقبضت ورجعت . ( سبحان الله ) تنزيها لك يار ب من كل نقص ]

فتح الباري:

(قوله باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس)
 كأن المصنف يشير بذلك إلى الخلاف في عرق الكافر وقال قوم أنه نجس بناء على القول بنجاسة عينه كما سيأتي فتقدير الكلام بيان حكم عرق الجنب وبيان أن المسلم لا ينجس وإذا كان لا ينجس فعرقه ليس بنجس ومفهومه أن الكافر ينجس فيكون عرقه نجسا


قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد القطان وحميد هو الطويل وبكر هو بن عبد الله المزني وأبو رافع هو الصائغ وهو مدني سكن البصرة ومن دونه في الإسناد بصريون أيضا وحميد وبكر وأبو رافع ثلاثة من التابعين في نسق قوله في بعض طريق كذا للأكثر وفي رواية كريمة والأصيلي طرق ولأبي داود والنسائي لقيته في طريق من طرق المدينة وهي توافق رواية الأصيلي

قوله وهو جنب يعنى نفسه وفي رواية أبي داود وأنا جنب قوله فانخنست كذا للكشميهني والحموي وكريمة بنون ثم خاء معجمة ثم نون ثم سين مهملة وقال القزاز وقع في رواية فانبخست يعني بنون ثم موحدة ثم خاء معجمة ثم سين مهملة قال ولا وجه له والصواب أن يقال فانخنست يعني كما تقدم قال والمعنى مضيت عنه مستخفيا ولذلك وصف الشيطان بالخناس ويقويه الرواية الأخرى فانسللت أنتهي وقال بن بطال وقعت هذه اللفظة فانبخست يعني كما تقدم قال ولابن السكن بالجيم قال ويحتمل أن يكون من قوله تعالى فانبجست منه اثنتا عشرة عينا أي جرت واندفعت وهذه أيضا رواية الأصيلي وأبي الوقت وبن عساكر ووقع في رواية المستملى فانتجست بنون ثم مثناة فوقانية ثم جيم أي اعتقدت نفسي نجسا ووجهت الرواية التي أنكرها القزاز بأنها مأخوذة من البخس وهو النقص أي اعتقد نقصان نفسه بجنابته عن مجالسة رسول الله صلى الله عليه و سلم وثبت في رواية الترمذي مثل رواية بن السكن وقال معنى انبجست منه تنحيت عنه ولم يثبت لي من طريق الرواية غير ما تقدم وأشبهها بالصواب الأولى ثم هذه وقد نقل الشراح فيها ألفاظا مختلفة مما صحفه بعض الرواة لا معنى للتشاغل بذكره كانتجشت بشين معجمة من النجش وبنون وحاء مهملة ثم موحدة ثم سين مهملة من الانحباس 

قوله إن المؤمن لا ينجس تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر فقال إن الكافر نجس العين وقواه بقوله تعالى إنما المشركون نجس وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة وعن الآية بان المراد أنه نجس في الاعتقاد والاستقذار وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن ومع ذلك فلم يجب عليه من غسل الكتابية الا مثل ما يجب عليه من غسل المسلمة فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين إذ لا فرق بين النساء والرجال وأغرب القرطبي في الجنائز من شرح مسلم فنسب القول بنجاسة الكافر إلى الشافعي وسيأتي الكلام على مسألة الميت في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى وفي هذا الحديث استحباب الطهارة عند ملابسة الأمور المعظمة واستحباب احترام أهل الفضل وتوقيرهم ومصاحبتهم على أكمل الهيئات وكان سبب ذهاب أبي هريرة أنه صلى الله عليه و سلم كان إذا لقي أحدا من أصحابه ماسحه ودعا له هكذا رواه النسائي وبن حبان من حديث حذيفة فلما ظن أبو هريرة أن الجنب ينجس بالحدث خشي أن يماسحه صلى الله عليه و سلم كعادته فبادر إلى الاغتسال وإنما أنكر عليه النبي صلى الله عليه و سلم

قوله وأنا على غير طهارة وقوله سبحان الله تعجب من اعتقاد أبي هريرة التنجس بالجنابة أي كيف يخفى عليه هذا الظاهر وفيه استحباب استئذان التابع للمتبوع إذا أراد أن يفارقه لقوله أين كنت فأشار إلى أنه كان ينبغي له أن لا يفارقه حتى يعلمه وفيه استحباب تنبيه المتبوع لتابعه على الصواب وإن لم يسأله وفيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه وبوب عليه بن حبان الرد على من زعم أن الجنب إذا وقع في البئر فنوى الاغتسال أن ماء البئر ينجس واستدل به البخاري على طهارة عرق الجنب لان بدنه لا ينجس بالجنابة فكذلك ما تحلب منه وعلى جواز تصرف الجنب في حوائجه قبل أن يغتسل فقال باب الجنب يخرج ويمشي في السوق قوله وغيره بالجرأى وغير السوق ويحتمل الرفع عطفا على يخرج من جهة المعنى قوله وقال عطاء هذا التعليق وصله عبد الرزاق عن بن جريج عنه وزاد ويطلى بالنورة ولعل هذه الأفعال هي المرادة بقوله وغيره بالرفع في الترجمة.
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.