قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع 5-5

صحيح مسلم

المقدمة (5-5) باب النهي عن الحديث بكل ما سمع


وحدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هشيم، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع».

شرح النووي:
(باب النهي عن الحديث بكل ما سمع)

[5] فيه خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع وفي الطريق الآخر عن خبيب أيضا عن حفص عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك وعن عمر بن الخطاب وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع وفيه غير ذلك من نحوه أما أسانيده فخبيب بضم الخاء المعجمة وقد تقدم في آخر الفصل بيانه وأنه ليس في الصحيحين خبيب بالمعجمة إلا ثلاثة هذا وخبيب بن عدي وأبو خبيب كنية بن الزبير وفيه هشيم بضم الهاء وهو بن بشير السلمي الواسطي أبو معاوية اتفق أهل عصره فمن بعدهم على جلالته وكثرة حفظه وإتقانه وصيانته وكان مدلسا وقد قال في روايته هنا عن سليمان التيمي وقد قدمنا في الفصول أن المدلس إذا قال عن لا يحتج به إلا أن يثبت سماعه من جهة أخرى وأن ما كان في الصحيحين من ذلك فمحمول على ثبوت سماعه من جهة أخرى وهذا منه وفيه أبو عثمان النهدي بفتح النون وإسكان الهاء منسوب إلى جد من أجداده وهو نهد بن زيد بن ليث وأبو عثمان من كبار التابعين وفضلائهم واسمه عبد الرحمن بن مل بفتح الميم وضمها وكسرها واللام مشددة على الأحوال الثلاث ويقال ملء بكسر الميم وإسكان اللام وبعدها همزة وأسلم أبو عثمان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه وسمع جماعات من الصحابة وروى عنه جماعات من التابعين وهو كوفي ثم بصري كان بالكوفة مستوطنا فلما قتل الحسين رضي الله عنه تحول منها فنزل البصرة وقال لا أسكن بلدا قتل فيه بن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أنه قال لاأعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم ومن طرف أخباره ما رويناه عنه أنه قال بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة وما من شيء إلا وقد أنكرته إلا أملي فإني أجده كما هو مات سنة خمس وتسعين وقيل سنة مائة والله أعلم وفي الإسناد الآخر عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله أما عبد الرحمن فابن مهدي الإمام المشهور أبو سعيد البصري وأما سفيان فهو الثوري الإمام المشهور أبو عبد الله الكوفي وأما أبو إسحاق فهو السبيعي بفتح السين واسمه عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي التابعي الجليل قال أحمد بن عبد الله العجلي سمع ثمانية وثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال علي بن المديني روى أبو إسحاق عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره وهو منسوب إلى جد من أجداده اسمه السبيع بن صعب بن معاوية وأما أبو الأحوص فاسمه عوف بن مالك الجشمي الكوفي التابعي المعروف لأبيه صحبة وأما عبد الله فابن مسعود الصحابي السيد الجليل أبو عبد الرحمن الكوفى وأما بن وهب في الإسناد الآخر فهو عبد الله بن وهب بن مسلم أبو محمد القرشي الفهري مولاهم البصري الإمام المتفق على حفظه واتقانه وجلالته رضي الله عنه وفي الإسناد الآخر يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أما يونس فهو بن يزيد أبو يزيد القرشى الأموى مولاهم الايلى بالمثناة من تحت وفي يونس ست لغات ضم النون وكسرها وفتحها مع الهمز وتركه وكذلك في يوسف اللغات الست والحركات الثلاث فى سينه ذكر بن السكيت معظم اللغات فيهما وذكر أبو البقاء باقيهن وأما بن شهاب فهو الإمام المشهور التابعي الجليل وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحرث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أبو بكر القرشي الزهري المدني سكن الشام وأدرك جماعة من الصحابة نحو عشرة وأكثر من الروايات عن التابعين وأكثروا من الروايات عنه وأحواله في العلم والحفظ والصيانة والإتقان والاجتهاد في تحصيل العلم والصبر على المشقة فيه وبذل النفس في تحصيله والعبادة والورع والكرم وهوان الدنيا عنده وغير ذلك من أنواع الخير أكثر من أن يحصر وأشهر من أن يشهر وأما عبيد الله بن عبد الله فهو أحد الفقهاء السبعة الإمام الجليل رضي الله عنهم أجمعين وأما فقه الإسناد فهكذا وقع في الطريق الأول عن حفص عن النبي عليه السلام مرسلا فإن حفصا تابعي وفي الطريق الثاني عن حفص عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا فالطريق الأول رواه مسلم من رواية معاذ وعبد الرحمن بن مهدي وكلاهما عن شعبة وكذلك رواه غندر عن شعبة فأرسله والطريق الثاني عن علي بن حفص عن شعبة قال الدارقطني الصواب المرسل عن شعبة كما رواه معاذ وبن مهدي وغندر قلت وقد رواه أبو داود في سننه أيضا مرسلا ومتصلا فرواه مرسلا عن حفص بن عمر النميري عن شعبة ورواه متصلا من رواية علي بن حفص وإذا ثبت أنه روي متصلا ومرسلا فالعمل على أنه متصل هذا هو الصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول وجماعة من أهل الحديث ولا يضر كون الأكثرين رووه مرسلا فإن الوصل زيادة من ثقة وهي مقبولة وقد تقدمت هذه المسألة موضحة في الفصول السابقة والله أعلم وأما قوله في الطريق الثاني (بمثل ذلك) فهي رواية صحيحة وقد تقدم في الفصول بيان هذا وكيفية الرواية به وقوله (بحسب المرء من الكذب) هو بإسكان السين ومعناه يكفيه ذلك من الكذب فإنه قد استكثر منه وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن وقد تقدم أن مذهب أهل الحق أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ماهو ولا يشترط فيه التعمد لكن التعمد شرط في كونه إثما والله أعلم وأما قوله (ولا يكون إماما وهو يحدث بكل ما سمع) فمعناه أنه حدث بكل ما سمع كثر الخطأ في روايته فترك الاعتماد عليه والأخذ عنه وأما قوله (أراك قد كلفت بعلم القرآن) فهو بفتح الكاف وكسر اللام وبالفاء ومعناه ولعت به ولازمته قال بن فارس وغيره من أهل اللغة الكلف الإيلاع بالشيء وقال أبو القاسم الزمخشري الكلف الإيلاع بالشيء مع شغل قلب.
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.