الرد على شبهة خلق السماوات والأرض في ثمانية أيام

الرد على شبهة خلق السماوات والأرض في ثمانية أيام
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين؛
أما بعد:

قال المشككين بأن هناك اختلاف عدد أيام خلق السماوات والأرض ففي القرآن آيات تتحدث عن أيام خلق الأرض والسماوات بأنها ستة بينما هناك آيات تصف آيام الخلق بأنها ثمانية كيف هذا!

والشبهة في سورة فصلت قوله تعالى:

  • ( 9 )   ۞ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
    ( 10 )   وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ
    ( 11 )   ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ

فلو جمعنا يومين وأربعة أيام ويومين الناتج هو ثمانية.

الرد:
ما وقع المشكك أو غيره  بمثل هذا إلا لأنه جاهل ،
والآن اخي القارئ ركز معي في أيآت الله سبحانه.
  • ( 9 )   ۞ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
هنا اليوم الأول والثاني يعني يومين ، حسنا وهل اليوم الثالث مذكور في الآية ؟ نعم وهو بقوله تعالى:
  • ( 10 )   وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا..

اذا كما نرى في اليوم الثالث خلق الله الجبال والقول هنا معطوف على ماقبله،
واليوم الرابع ؟ نعم مذكور أيضا وهو في قوله تعالى:
  • وَبَارَكَ فِيهَا..
وقال القرطبي:
وبارك فيها بما خلق فيها من المنافع . قال السدي : أنبت فيها شجرها ../انتهى/..

وقال الطبري:
وقوله: ( وَبَارَكَ فِيهَا ) يقول: وبارك في الأرض فجعلها دائمة الخير لأهلها.

وقد ذُكر عن السديّ في ذلك ما حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السديّ: ( وَبَارَكَ فِيهَا ) قال: أنبت شجرها../انتهى/..

وقال الحافظ ابن عاشور:
و { بارك فيها } جعل فيها البَرَكة . والبَرَكة : الخير النافع ، وفي الأرض خيرات كثيرة فيها رزق الإنسان وماشيتِه ، وفيها التراب والحجارة والمعادن ، وكلها بركات../انتهى/..

ملاحظة أن قوله تعالى معطوف على ماقبله بحر (و).

والآن أتينا الى ما وقع فيه الجهال من أخطاء فقالوا اربعة أيام فجعلوها منفصلة! فجمعوها مع ماقبلها وما بعدها لتصبح بزعمهم ثمانية أيام.

ولو أنهم بحثوا ودرسوا لعلموا أن قوله سبحانه وتعالى:
  • وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِين
فكلمة (قدر) لا تعني خلق وكتاب الله يعلمنا ماتعني كلمة قدر في قوله تعالى في سورة القمر:
  • ( 49 )   إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر.

وقال ابن عاشور:
والخَلْق أصله : إيجاد ذات بشكل مقصود فهو حقيقة في إيجاد الذوات ، ويطلق مجازاً على إيجاد المعاني التي تشبه الذوات في التميز والوضوح كقوله تعالى : { وتخلقون إفكاً } [ العنكبوت : 17 ] .

فإطلاقه في قوله : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه .

و { شيء } معناه موجود من الجواهر والأعراض ، أي خلقنا كل الموجودات جواهرها وأعراضها بقدَر .

والقدَر : بتحريك الدال مرادف القدْر بسكونها وهو تحديد الأمور وضبطها .

فالباء في { بقدر } للملابسة ، والمجرور ظرف مستقر ، فهو في حكم المفعول الثاني لفعل { خلقناه } لأنه مقصود بذاته ، إذ ليس المقصود الإِعلام بأن كل شيء مخلوق لله ، فإن ذلك لا يحتاج إلى الإِعلام به بَلْه تأكيده بل المقصود إظهار معنى العلم والحكمة في الجزاء كما في قوله تعالى في سورة الرعد ( 8 ( { وكل شيء عنده بمقدار } ومما يستلزمه معنى القَدر أن كل شيء مخلوققٍ هو جارٍ على وفق علم الله وإرادته لأنه خالق أصول الأشياء وجاعلُ القوى فيها لتنبعث عنها آثارها ومتولَّداتُها ، فهو عالم بذلك ومريد لوقوعه . وهذا قد سمي بالقدَر في اصطلاح الشريعة كما جاء في حديث جبريل الصحيح في ذكر ما يقع به الإِيمان : وتؤمن بالقدر خيره وشره .

وقال الحافظ ابن كثير:
وقوله : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) ، كقوله : ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) [ الفرقان : 2 ] وكقوله : ( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ) [ الأعلى : 1 - 3 ] أي : قدر قدرا ، وهدى الخلائق إليه ; ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه ، وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها.

وقال الإمام القرطبي:
والذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه قدر الأشياء ; أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه ، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى وبقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ; كما نص عليه القرآن والسن
../انتهى/..


إذا وعلى ما أوردناه يكون قوله سبحانه وتعالى:
  • وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِين.
أربعة أيام قدر فيها الله تعالى اقوات جميع المخلوقات وقد ذكرها الله سبحانه في كتابه هاهنا ليعلمك أنه لما خلق الأرض خلقها بعلم ولم يخلقها عن عبث أو لهو أو صدفة لا والعياذ بالله بل أن الله العظيم خلق التراب ليخرج منه زرعا وأشجارا وأرسى الجبال حتى لا تميد الأرض ودحا الأرض فشق مكانا للبحار وأخرج المرعى للمخلوقات الخ…
فأي بناء قبل أن يتم لابد له وأن يمر في مرحلة التخطيط والتقدير فالمهندس يرسم مخطط لبناء فيحسب وزن المبنى ليحدد عدد الأعمدة واستطاعتها ثم يقول من هنا سنمرر الكهرباء ومن هنا شبكة المياه  سنجعل المدخل الرئيسي من هنا و و و الخ.. فعملية البناء لابد لها وان تخضع للتخطيط والتقدير قبل المشروع وأثنائه.
ولله المثل الأعلى.
والله سبحانه يخبرنا أنه قدر كل أمور الأرض وأقوات المخلوقات وحتى الذين سيسألون الله  رزقا أو ولدا أو شفاء أو أو الخ.. كل شيء قدره الله سبحانه في أربعة أيام. ولو شاء الله لقدر كل هذا بلحظة ولكن أربعة أيام ليعلمنا أنه خلق كل شيء على علم مسبق وليس عن عبث.

وملاحظة هامة أن قوله تعالى هنا معطوف على ماقبله والثاني معطوف على ماقبله والثالث معطوف على ماقبله أيضا لنصل الى قوله ( خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْن)..ِ
ليكون بذلك المجموع اربعة أيام مجموعة فيها يومين خلق الأرض وبعدها يأتي قوله تعالى:
  • ( 11 )   ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
  • ( 12 )   فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.

مع يومين للسماوات فيصبح المجموع بذلك ستة أيام ثم استوى الله العظيم على عرشه استواء يليق بكماله وجلاله وجماله.

وإلى هنا نكون قد فندنا الشبهة بفضل الله تبارك وتعالى وأسأل الله بأن أكون قدمت ما ينفع وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.