صحيح البخاري
كتاب العلم حديث برقم-(119)
حدثنا أحمد بن أبي بكر أبو مصعب
قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن دينار عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال:
قلت يا رسول الله إني أسمع منك حديث كثيرا أنساه ؟ قال ( أبسط رداءك ) . فبسطته قال
فغرف بيديه ثم قال ( ضمه ) فضممته فما نسيت شيئا بعده
حدثنا إبراهيم بن المنذر قال
حدثنا ابن أبي فديك بهذا أو قال غرف بيده فيه
[ 3448 ]
[ ش ( فغرف بيديه ) قال في الفتح لم يذكر المغروف منه وكأنها إشارة محضة . قلت وهذا معجزة له صلى الله عليه و سلم وكرامة لأبي هريرة رضي الله عنه ]
شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:
قوله حدثنا أحمد بن أبي بكر هو الزهري المدني صاحب مالك وسقط قوله أبو مصعب من رواية الأصيلي وأبي ذر وهو بكنيته أشهر والإسناد كله مدنيون أيضا وكذا الذي بعده
قوله كثيرا هو صفة لقوله حديثا لأنه اسم جنس قوله فغرف لم يذكر المغروف منه وكأنها كانت إشارة محضة
قوله ضم وللكشميهني والباقين ضمه وهو بفتح الميم ويجوز ضمها وقيل يتعين لأجل ضمه الهاء ويجوز كسرها لكن مع اسكان الهاء وكسرها قوله فما نسيت شيئا بعد هو مقطوع الاضافه مبنى على الضم وتنكير شيئا بعد النفي ظاهر العموم في عدم النسيان منه لكل شيء من الحديث وغيره ووقع في رواية بن عيينة وغيره عن الزهري في الحديث الماضي فو الذي بعثه بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه وفي رواية يونس عند مسلم فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به وهذا يقتضي تخصيص عدم النسيان بالحديث ووقع في رواية شعيب فما نسيت من مقالته تلك من شيء وهذا يقتضي عدم النسيان بتلك المقاله فقط لكن سياق الكلام يقتضي ترجيح رواية يونس ومن وافقه لأن أبا هريرة نبه به على كثرة محفوظة من الحديث فلا يصح حمله على تلك المقالة وحدها ويحتمل أن تكون وقعت له قضيتان فالتي رواها الزهري مختصة بتلك المقالة والقضية التي رواها سعيد المقبري عامة وأما ما أخرجه بن وهب من طريق الحسن بن عمرو بن أمية قال تحدثت عند أبي هريرة بحديث فأنكره فقلت إني سمعت منك فقال أن كنت سمعته مني فهو مكتوب عندي فقد يتمسك به في تخصيص عدم النسيان بتلك المقالة لكن سند هذا ضعيف وعلى تقدير ثبوته فهو نادر ويلتحق به حديث أبي سلمة عنه لا عدوي فإنه قال فيه أن أبا هريرة أنكره قال فما رايته نسي شيئا غيره فائدة المقالة المشار إليها في حديث الزهري ابهمت في جميع طرقه وقد وجدتها مصرحا بها في جامع الترمذي وفي الحلية لأبي نعيم من طريق أخرى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما من رجل يسمع كلمة أو كلمتين أو ثلاثا أو أربعا أو خمسا مما فرض الله فيتعلمهن ويعلمهن الا دخل الجنة فذكر الحديث وفي هذين الحديثين فضيلة ظاهرة لأبي هريرة ومعجزة واضحة من علامات النبوة لأن النسيان من لوازم الإنسان وقد اعترف أبو هريرة بأنه كان يكثر منه ثم تخلف عنه ببركة النبي صلى الله عليه و سلم وفي المستدرك للحاكم من حديث زيد بن ثابت قال كنت أنا وأبو هريرة وأخر عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال ادعوا فدعوت أنا وصاحبي وامن النبي صلى الله عليه و سلم ثم دعا أبو هريرة فقال اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى فأمن النبي صلى الله عليه و سلم فقلنا ونحن كذلك يا رسول الله فقال سبقكما الغلام الدوسي وفيه الحث على حفظ العلم وفيه أن التقلل من الدنيا أمكن لحفظه وفيه فضيلة التكسب لمن له عيال وفيه جواز أخبار المرء بما فيه من فضيلة إذا اضطر إلى ذلك وامن من الإعجاب قوله بن أبي فديك بهذا أشكل قوله بهذا على بعض الشارحين لأن بن أبي فديك لم يتقدم له ذكر وقد ظن بعضهم أنه محمد بن إبراهيم بن دينار المذكور قبل فيكون مراده أن السياقين متحدان الا في اللفظة المبينة فيه وليس كما ظن لأن بن أبي فديك اسمه محمد بن إسماعيل بن مسلم وهو ليثي يكنى أبا إسماعيل وبن دينار جهني يكنى أبا عبد الله لكن اشتركا في الرواية عن بن أبي ذئب لهذا الحديث ولغيره وفي كونهما مدنيين وجوز بعضهم أن يكون الحديث عند المصنف بإسناد آخر عن بن أبي ذئب وكل ذلك غفلة عما عند المصنف في علامات النبوة فقد ساقه بالإسناد المذكور والمتن من غير تغيير الا في قوله بيديه فإنه ذكرها بالافراد وقال فيها أيضا فغرف وهي رواية الأكثرين في حديث الباب ووقع في رواية المستملي وحده فحذف بدل فغرف وهو تصحيف لما وضح في سياقه في علامات النبوة وقد رواه بن سعد في الطبقات عن بن أبي فديك فقال فغرف قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس حدثني أخي هو أبو بكر عبد الحميد قوله حفظت عن وفي رواية الكشميهني من بدل عن وهي أصرح في تلقيه من النبي صلى الله عليه و سلم بلا واسطة قوله وعاءين أي ظرفين أطلق المحل وأراد به الحال أي نوعين من العلم وبهذا التقرير يندفع إيراد من زعم أن هذا يعارض قوله في الحديث الماضي كنت لا اكتب وإنما مراده أن محفوظه من الحديث لو كتب لملأ وعاءين ويحتمل أن يكون أبو هريرة أملى حديثه على من يثق به فكتبه له وتركه عنده والأول أولي ووقع في المسند عنه حفظت ثلاثة أجربة بثثت منها جرابين وليس هذا مخالفا لحديث الباب لأنه يحمل على أن أحد الوعاءين كان أكبر من الآخر بحيث يجيء ما في الكبير في جرابين وما في الصغير في واحد ووقع في المحدث الفاضل للرامهرمزي من طريق منقطعة عن أبي هريرة خمسة اجربة وهو أن ثبت محمول على نحو ما تقدم وعرف من هذا أن ما نشره من الحديث أكثر مما لم ينشره
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.