جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي 219

صحيح البخاري

كتاب الوضوء حديث برقم-(219)


حدثنا خالد قال وحدثنا سليمان عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك قال
: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه و سلم فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه و سلم بذنوب من ماء فأهريق عليه


 [ ر 216 ]
 [ ش ( طائفة ) قطعة من أرضه . ( فزجره الناس ) نهوه ومنعوه ]

فتح الباري:


قوله وحدثنا خالد سقطت الواو من رواية كريمة والعطف فيه على قوله حدثنا عبدان وسليمان هو بن بلال وبان لي أن المتن على لفظ روايته لأن لفظ عبدان فيه مخالفة لسياقه كما أشرنا إليه أنه عند البيهقي

قوله في طائفة المسجد أي ناحيته والطائفة القطعة من الشيء قوله فنهاهم في رواية عبدان فقال اتركوه فتركوه قوله فهريق عليه كذا لأبي ذر وللباقين فاهريق عليه ويجوز اسكان الهاء وفتحها كما تقدم وضبطه بن الأثير في النهاية بفتح الهاء أيضا وفي هذا الحديث من الفوائد أن الاحتراز من النجاسة كان مقررا في نفوس الصحابة ولهذا بادروا إلى الإنكار بحضرته صلى الله عليه و سلم قبل استئذانه ولما تقرر عندهم أيضا من طلب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستدل به على جواز التمسك بالعموم إلى أن يظهر الخصوص قال بن دقيق العيد والذي يظهر أن التمسك يتحتم عند احتمال التخصيص عند المجتهد ولا يجب التوقف عن العمل بالعموم لذلك لأن علماء الأمصار ما برحوا يفتون بما بلغهم من غير توقف على البحث عن التخصيص ولهذه القصة أيضا إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه و سلم على الصحابة ولم يقل لهم لم نهيتم الأعرابي بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة وهو دفع أعظم المفسدتين باحتمال ايسرهما وتحصيل أعظم المصلحتين بترك ايسرهما وفيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع لأمرهم عند فراغه بصب الماء وفيه تعيين الماء لإزالة النجاسة لأن الجفاف بالريح أو الشمس لو كان يكفي لما حصل التكليف بطلب الدلو وفيه أن غسالة النجاسة الواقعه على الأرض طاهرة ويلتحق به غير الواقعة لأن البله الباقية على الأرض غسالة نجاسة فإذا لم يثبت أن التراب نقل وعلمنا أن المقصود التطهير تعين الحكم بطهارة البلة وإذا كانت طاهرة فالمنفصلة أيضا مثلها لعدم الفارق ويستدل به أيضا على عدم اشتراط نضوب الماء لأنه لو اشترط لتوقفت طهارة الأرض على الجفاف وكذا لا يشترط عصر الثوب إذ لا فارق قال الموفق في المغني بعد أن حكى الخلاف الأولى الحكم بالطهارة مطلقا لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يشترط في الصب على بول الأعرابي شيئا وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه مايلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادا ولا سيما أن كان ممن يحتاج إلى استئلافه وفيه رأفة النبي صلى اللهعليه و سلم وحسن خلقه قال بن ماجة وبن حبان في حديث أبي هريرة فقال الأعرابي بعد أن فقه في الإسلام فقام إلى النبي صلى الله عليه و سلم بأبي أنت وأمي فلم يؤنب ولم يسب وفيه تعظيم المسجد وتنزيهه عن الاقذار وظاهر الحصر من سياق مسلم في حديث أنس أنه لا يجوز في المسجد شيء غير ما ذكر من الصلاة والقرآن والذكر لكن الإجماع على أن مفهوم الحصر منه غير معمول به ولا ريب أن فعل غير المذكورات وما في معناها خلاف الأولى والله أعلم وفيه أن الأرض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها خلافا للحنفية حيث قالوا لا تطهر الا بحفرها كذا أطلق النووي وغيره والمذكور في كتب الحنفية التفصيل بين ما إذا كانت رخوة بحيث يتخللها الماء حتى يغمرها فهذه لا تحتاج إلى حفر وبين ما إذا كانت صلبة فلا بد من حفرها وإلقاء التراب لأن الماء لم يغمر أعلاها واسفلها واحتجوا فيه بحديث جاء من ثلاث طرق أحدها موصول عن بن مسعود أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره والاخران مرسلان أخرج أحدهما أبو داود من طريق عبد الله بن معقل بن مقرن والآخر من طريق سعيد بن منصور من طريق طاوس ورواتهما ثقات وهو يلزم من يحتج بالمرسل مطلقا وكذا من يحتج به إذا اعتضد مطلقا والشافعي إنما يعتضد عنده إذا كان من رواية كبار التابعين وكان من أرسل إذا سمي لا يسمى إلا ثقة وذلك مفقود في المرسلين المذكورين على ما هو ظاهر من سنديهما والله أعلم وسيأتي باقي فوائده في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.