صحيح البخاري
كتاب الغسل حديث برقم-(265)
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا معاذ بن هشام
قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور
على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال قلت لأنس أو كان يطيقه؟
قال كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين.
وقال سعيد عن قتادة إن أنسا حدثهم تسع نسوة.
[ 280 ، 4781 ، 4917 ]
[ ش ( يدور ) أي فيجامعهن
. ( إحدى عشرة ) تسع زوجات وأمتان مارية وريحانة . ( يطيقه ) يستطيع مباشرة من ذكر
في ساعة واحدة ]
فتح الباري:
قوله معاذ بن هشام هو الدستوائي والإسناد كله بصريون قوله في
الساعة الواحدة المراد بها قدر من الزمان لا ما اصطلح عليه أصحاب الهيئة قوله من الليل
والنهار الواو بمعنى أو جزم به الكرماني ويحتمل أن تكون على بابها بأن تكون تلك الساعة
جزءا من آخر أحدهما وجزءا من أول الآخر
قوله وهن إحدى عشرة قال بن خزيمة تفرد بذلك
معاذ بن هشام عن أبيه ورواه سعيد بن أبي عروبة وغيره عن قتادة فقالوا تسع نسوة انتهى
وقد أشار البخاري إلى رواية سعيد بن أبي عروبة فعلقها هنا ووصلها بعد أثنى عشر بابا
بلفظ كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة وقد جمع بن حبان في
صحيحه بين الروايتين بأن حمل ذلك على حالتين لكنه وهم في قوله أن الأولى كانت في أول
قدومه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة والحالة الثانية في آخر الأمر حيث اجتمع عنده
إحدى عشرة امرأة وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة لم يكن تحته
امرأة سوى سودة ثم دخل على عائشة بالمدينة ثم تزوج أم سلمة وحفصة وزينب بنت خزيمة في
السنة الثالثة والرابعة ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة ثم جويرية في السادسة ثم صفية
وأم حبيبة وميمونة في السابعة وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور
واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة فجزم بن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها
ويضرب عليها الحجاب فاختارت البقاء في ملكه والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر
وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل قال بن عبد البر مكثت عنده شهرين أو
ثلاثة فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة
كما سيأتي في مكانه فرجحت رواية سعيد لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة
إليهن وأطلق عليهن لفظ نسائه تغليبا وقد سرد الدمياطي في السيرة التي جمعها من اطلع
عليه من أزواجه ممن دخل بها أو عقد عليها فقط أو طلقها قبل الدخول أو خطبها ولم يعقد
عليها فبلغت ثلاثين وفي المختارة من وجه آخر عن أنس تزوج خمس عشرة دخل منهن بإحدى عشرة
ومات عن تسع وسرد اسماءهن أيضا أبو الفتح اليعمري ثم مغلطاي فزدن على العدد الذي ذكره
الدمياطي وأنكر بن القيم ذلك والحق أن الكثرة المذكورة محمولة علىاختلاف في بعض الأسماء
وبمقتضى ذلك تنقص العدة والله أعلم
قوله أو كان بفتح الواو هو مقول قتادة والهمزة للاستفهام
ومميز ثلاثين محذوف أي ثلاثين رجلا ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أبي موسى عن معاذ
بن هشام أربعين بدل ثلاثين وهي شاذة من هذا الوجه لكن في مراسيل طاوس مثل ذلك وزاد
في الجماع وفي صفة الجنة لأبي نعيم من طريق مجاهد مثله وزاد من رجال أهل الجنة ومن
حديث عبد الله بن عمر ورفعه أعطيت قوة أربعين في البطش والجماع وعند أحمد والنسائي
وصححه الحاكم من حديث زيد بن أرقم رفعه إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة في الأكل
والشرب والجماع والشهوة فعلى هذا يكون حساب قوة نبينا أربعة آلاف قوله وقال سعيد هو
بن أبي عروبة كذا للجميع الا أن الأصيلي قال إنه وقع في نسخة شعبة بدل سعيد قال وفي
عرضنا على أبي زيد بمكة سعيد قال أبو علي الجياني وهو الصواب قلت وقد ذكرنا قبل أن
المصنف وصل رواية سعيد وأما رواية شعبة لهذا الحديث عن قتادة فقد وصلها الإمام أحمد
قال بن المنير ليس في حديث دورانه على نسائه دليل على الترجمة فيحتمل أنه طاف عليهن
واغتسل في خلال ذلك عن كل فعلة غسلا قال والاحتمال في رواية الليلة أظهر منه في الساعة
قلت التقييد بالليلة ليس صريحا في حديث عائشة وأما حديث أنس فحيث جاء فيه التصريح بالليلة
قيد الاغتسال بالمرة الواحدة كذا وقع في روايات للنسائي وبن خزيمة وبن حبان ووقع التقييد
بالغسل الواحد من غير ذكر الليلة في روايات أخرى لهم ولمسلم وحيث جاء في حديث أنس التقييد
بالساعة لم يحتج إلى تقييد الغسل بالمرة لأنه يتعذر أو يتعسر وحيث جاء فيها تكرار المباشرة
والغسل معا وعرف من هذا أن قوله في الترجمة في غسل واحد أشار به إلى ما ورد في بعض
طرق الحديث وأن لم يكن منصوصا فيما أخرجه كما جرت به عادته ويحمل المطلق في حديث عائشة
على المقيد في حديث أنس ليتوافقا ومن لازم جماعهن في الساعة أو الليلة الواحدة عود
الجماع كما ترجم به والله أعلم واستدل به المصنف في كتاب النكاح على استحباب الاستكثار
من النساء وأشار فيه إلى أن القسم لم يكن واجبا عليه وهو قول طوائف من أهل العلم وبه
جزم الإصطخري من الشافعية والمشهور عندهم وعند الأكثرين الوجوب ويحتاج من قال به إلى
الجواب عن هذا الحديث فقيل كان ذلك برضا صاحبة النوبة كما استأذنهن أن يمرض في بيت
عائشة ويحتمل أن يكون ذلك كان يحصل عند استيفاء القسمة ثم يستأنف القسمة وقيل كان ذلك
عند اقباله من سفر لأنه كان إذا سافر أقرع بينهن فيسافر بمن يخرج سهمها فإذا انصرف
استأنف وهو أخص من الاحتمال الثاني والأول أليق بحديث عائشة وكذا الثاني ويحتمل أن
يكون ذلك كان يقع قبل وجوب القسمة ثم ترك بعدها وأغرب بن العربي فقال إن الله خص نبيه
بأشياء منها أنه أعطاه ساعة في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حق يدخل فيها على جميعهن
فيفعل ما يريد ثم يستقر عند من لها النوبة وكانت تلك الساعة بعد العصر فإن اشتغل عنها
كانت بعد المغرب ويحتاج إلى ثبوت ما ذكره مفصلا وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم
ما أعطى النبي صلى الله عليه و سلم من القوة على الجماع وهو دليل على كمال البنية وصحة
الذكورية والحكمة في كثرة أزواجه أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليها فينقلنها
وقد جاء عن عائشة من ذلك الكثير الطيب ومن ثم فضلها بعضهم على الباقيات واستدل به بن
التين لقول مالك بلزوم الظهار من الإماء بناء على أن المراد بالزائدتين على التسع مارية
وريحانة وقد أطلق على الجميع لفظ نسائه وتعقب بأن الإطلاق المذكور للتغليب كما تقدم
فليس فيه حجة لما ادعى واستدل به بن المنير على جواز وطء الحرة بعد الأمة من غير غسل
بينهما ولا غيره والمنقول عن مالك أنه لا يتأكد الاستحباب في هذه الصورة ويمكن أن يكون
ذلك وقع لبيان الجواز فلا يدل على عدم الاستحباب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.