لماذا يخلق الله أجنة مشوهة

لماذا يخلق الله الأجنة المشوهة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛
ثم أما بعد:

لماذا يخلق الله الأجنة المشوهة؟
والجواب لأن الله إله عادل.

سنقسم الموضوع الى قسمين الأول الأسباب وهي كثيرة فلعلنا نحيط ببعضها،
والثاني وهو الجنين المشوه أو المعاق.


ونسأل الله العفو والعافية.

١-- وهو سبب حيادي وموضوعي ومثال على ذلك:
لو بدأت بعد الأرقام من واحد الى عشرة ١ ٢ ٣ ٤ ٥ الخ.. فهل يبدو هذا الفعل منطقي لا طبعا فقد يكون منطقيا ولكن ليس بالكامل أو المجمل فهكذا تبدو الكفة راجحة في اتجاه واحد وحتى يحدث المنطق يجب ان ترجح الكفة بالاتجاه المعاكس ونبدأ العد بشكل عكس هكذا ٥ ٤ ٣ ٢ ١ ٠   -١ -٢ -٣ -٤ -٥  هكذا أصبحت الفعل منطقي بالكامل وهي الأرقام الموجبة والسالبة فكل رقم موجب يقابله آخر سالب،
ومثال آخر فالجبال تقابلها الهضاب والوديان والليل يقابله النهار والحرارة تقابلها البرودة والمريض السقيم يقابله السليم المعافى وكل شئ يجب أن يكون له معاكس يقابله وقال الله سبحانه وتعالى:
49 )   وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
سورة الذاريات.

ولهذا كان لابد من وجود جنين سليم معافى ويقابله جنين مشوه حتى يحدث التوازن المنطقي ولأن الله سبحانه وتعالى رؤوف رحيم فلم يجعل نصف سكان الأرض أجنة مشوهين ومعاقين بل جعل نسبة تكاد تكون شبه معدومة مقارنة بعدد الأجنة والمواليد حول العالم.

٢-- أن يكون تشوه الجنين ناتج عن حادث حاصل سواءً عن قصد أو عن طريق الخطأ كتعاطي أحد الوالدين لعقارات أو أدوية تسببت في ذلك أو نقص الأكسجين وما إلى ذلك، فإن كان حادث عن قصد بدافع الأذى فللفاعل عقاب من الله وسيصيبه لا محال، وإن كان ناتجا عن غير قصد فهذا هو القدر مثله مثل حادث تصادم السيارات والموت والمرض وما إلى ذلك. وفي الحالتين كلتاهما من عند الله وبقدره ولكن الأولى حصلت لأن الله سمح بها والثانية لأن الله قدرها. وهو القائل سبحانه:
)قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا(٧٨( النساء.

٣-- وهو الأهم مثل الإبتلاء أو البلاء لكلى الوالدين أو أحدهما والابتلاء في اللغة العربية يعني الإختبار أو الامتحان وقوله تعالى في سورة النساء (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) ويعني اختبروهم وامتحنوهم، وهنا اختبار من الله لأهل الجنين فإن كان والدا الجنين مؤمنين فهو اختبار لمدى صحة إيمانهما وصبرهم فالمؤمن الصحيح يصبر ويحتسب أجره عند الله
قال تعالى:
156 )   الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
( 157 )   أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.
سورة البقرة.

٤-- أما إن كان والدا الجنين ملحدين وغير مؤمنين أو على غير دين الإسلام العظيم فهو لدفعهما الى البحث عن الحقيقة والاستفهام والتساؤل حول السبب، نعم قد يصلان الى الجواب عن السبب أيا كان ولكن لا يزال هناك سؤال ولا يملك الأبوين له جوابا وهو "لماذا حصل هذا معنا نحن بالذات" ؟؟؟
وسيبقى هذا السؤال يتردد كثيرا، وجوابه لترجع الى الله وتعلم أنك لست سوى مخلوق من خلقه ولا تملك لنفسك من دون الله ضرا ولا تفعا فارجع الى الله

قال الله في كتابه:
وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(١٦٨( الأعراف.

٥-- وهو تحدي ينهار الملحد أمامه على الفور وليعلم مدى ضعفه وصغره وأنه ليس سو مخلوق نعم قد يصل الملحد إلى سبب التشوه الطبي وهذا ليس من الحق في شيء لأن المنطق يقول أصلح هذا التشوه إن استطعت وهذا ضرب من المستحيل أن يصل له الإنسان مهمى بلغ من العلوم، وقال الله تعالى في محكم كتابه:

( 73 )   يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
( 74 )   مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
سورة الحج.

وقال أيضا:
( 6 )   هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
سورة آل عمران.

٦--  أن يكون عقابا لأحد الوالدين على إثم أو ذمب ما قديم أو حديث فيأتيه عقابا حتى يستيقظ ويعود إلى الله

٧--  أن يكون المبتلى قد أعاب أو عَيرَ أو استهزء بأحدا من خلق الله ، معاقا أو مشوها إنسانا كان أم حيوانا
فالسخرية والإستهزاء بالأخرين محرمة وممنوعة شرعا في دين الإسلام فإذا كانت محرمة للأشخاص الطبيعين فماذا بها لو كانت حول المعاقين أو المشوهين،

وقال الله العظيم في كتابه:
11 )   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
سورة الحجرات.

٨-- حتى يفزع والدا الجنين إلى الله ويلحان بالدعاء والعبادات ويقدمان له الأضاحي والقرابين استرضاء له وطلبا منه أن يتم نعمته عليهما ويرزقهما طفلا صالح الخلقة بغير عيب ولا نقص، وقد جاء ذكر هذا الموقف في كتاب الله العزيز، وقال الله سبحانه وتعالى:

 )   قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
( 189 )   ۞ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
( 190 )   فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
( 191 )   أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
( 192 )   وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ.َ


وطبعا لا يزال هناك مزيدا من الأسباب إلا أننا سنكتفي الى هنا وننتقل الى القسم الثاني.
----

الجنين المشوه أو الإنسان الذي ولد بإعاقة دائمة لا شفاء لها فعليه أن يصبر ويصابر ويرضى بما قسم الله له من قسمة وأن يتوكل على الله سبحانه وتعالى، فالمصاب المبتلى ليس مطلوبا منه أكثر من الصبر والمثابرة على العبادة قدر المستطاع مثل الشخص الطبيعي السليم، فالحياة قصيرة وقصيرة جدا ولو نظرنا الى عمر الإنسان بشكل نسبي مقارنةً مع عمر نجم من السماء وعادلناه نسبيا لوجدنا أن عمر الإنسان ومتوسطه ٧٠ سنة لا يساوي حتى جزء من الثانية مع عمر النجم والذي متوسطه أربعة ونصف مليون سنة، وكل نجوم السماء مجتمعة بأعمارها تساوي صفرا مقارنة بالخلود، وليس مطلوبا من المبتلى بإعاقة خلقية إلا أن يصبر على هذه الحياة القصيرة وبإذن الله تعالى فإن الله سيعيده على أجمل ما يكون من خلقة ابن آدم وسيدخله جنة عرضها كعرض السماوات والأرض، والأجمل من هذا أن صبر المعاق عند الله قد يكون له أجر أكثر ودرجات أرفع من صبر السليم، والله يحب الصبر ويحب الصابرين وهو معهم وقال الله في كتابه:

17 )   الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ.
سورة آل عمران.
ولاحظ أخي القارئ أن الصابرين تقدموا في الآية المباركة على الصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين.
فالصبر هو عبادة لله بحد ذاتها وليس من عبادة ثانية أحب الى الله من الصبر طاعة لله ، ولهذا فلو قرأت قصص القرآن لوجدت أن كل الأنبياء والمرسلين ابتلوا بهذه العبادة وأثبتوا أنهم جديرون بها وهي الصبر.

وقال أيضا:
142 )   أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ.
آل عمران.

وقال أيضا:
22 )   وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.
سورة الرعد.

وقال أيضا:
96 )   مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
سورة النحل.

وقال سبحانه:
35 )   وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.
سورة فصلت.

وقال سبحانه:
58 )   وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
( 59 )   الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
سورة العنكبوت.

وقال أيضا:
17 )   فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
سورة السجدة.

وفي السنة النبوية المطه

عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، عن النبي قال: { مايصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكهاإلا كفر الله بها من خطاياه } [متفق عليه] واللفظ للبخاري.

وعن أبي مسعود قال: قال رسول الله : { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } [متفق عليه].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: {ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة } [مسلم].

وعن أبي سعيد أن رسول الله قال: { صداع المؤمن، أو شوكه يشاكها، أو شيء يؤذيه، يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه ذنوبه } [ابن أبي الدنيا ورواته ثقات.

الى هنى وينتهي وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.