صحيح البخاري
كتاب العلم حديث برقم-(107)
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن جامع بن شداد
عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول
( من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ).
[ ش ( فلان وفلان ) قال العيني سمي منهما في رواية ابن ماجهعبد
الله بن مسعود رضي الله عنه . ( فليتبوأ ) أمر من التبوء وهو اتخاذ المباءة من المنزل
والمعنى ليتخذ لنفسه منزلا ]
شرح الحافظ ابن حجر فتح الباري:
قوله حدثنا أبو الوليد
هو الطيالسي وجامع بن شداد كوفي تابعي صغير وفي الإسناد لطيفتان إحداهما أنه من رواية
تابعي عن تابعي يرويه صحابي عن صحابي ثانيهما أنه من رواية الأبناء عن الآباء بخصوص
رواية الأب عن الجد وقد أفردت بالتصنيف
قوله قلت للزبير أي بن العوام قوله تحدث حذف
مفعولها ليشمل قوله كما يحدث فلان وفلان سمي منهما في رواية بن ماجة عبد الله بن مسعود
قوله اما بالميم المخففة وهي من حروف التنبيه واني بكسر الهمزة لم أفارقه أي لم أفارق
رسول الله صلى الله عليه و سلم زاد الإسماعيلي منذ أسلمت والمراد في الأغلب وإلا فقد
هاجر الزبير إلى الحبشة وكذا لم يكن مع النبي صلى الله عليه و سلم في حال هجرته إلى
المدينة وإنما أورد هذا الكلام على سبيل التوجيه للسؤال لأن لازم الملازمه السماع ولازمه
إعادة التحديث لكن منعه من ذلك ما خشيه من معنى الحديث الذي ذكره ولهذا أتى بقوله لكن
وقد أخرجه الزبير بن بكار في كتاب النسب من وجه آخر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد
الله بن الزبير قال عناني ذلك يعني قلة رواية الزبير فسألته أي عن ذلك فقال يا بني
كان بيني وبينه من القرابة والرحم ما علمت وعمته أمي وزوجته خديجة عمتي وأمه أمنة بنت
وهب وجدتي هالة بنت وهيب ابني عبد مناف بن زهرة وعندي أمك وأختها عائشة عنده ولكني
سمعته يقول قوله من كذب علي كذا رواه البخاري ليس فيه متعمدا وكذا أخرجه الإسماعيلي
من طريق غندر عن شعبة وكذا في رواية الزبير بن بكار المذكورة وأخرجه بن ماجة من طريقه
وزاد فيه متعمدا وكذا للإسماعيلي من طريق معاذ
عن شعبة والاختلاف فيه على شعبة وقد أخرجه الدارمي من طريق أخرى عن عبد الله بن الزبير
بلفظ من حدث عني كذبا ولم يذكر العمد وفي تمسك الزبير بهذا الحديث على ما ذهب إليه
من اختيار قلة التحديث دليل للاصح في أن الكذب هو الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه
سواء كان عمدا أم خطا والمخطئ وأن كان غير مأثوم بالإجماع لكن الزبير خشي من الإكثار
أن يقع في الخطا وهو لا يشعر لأنه وأن لم ياثم بالخطا لكن قد ياثم بالإكثار إذ الإكثار
مظنه الخطا والثقه إذا حدث بالخطا فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطا يعمل به على الدوام
للوثوق بنقله فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطا
لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار
من التحديث وأما من أكثر منهم فمحمول على إنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت أو طالت
أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان رضي الله عنهم
قوله فليتبوأ أي فليتخذ لنفسه منزلا يقال تبوأ الرجل المكان
إذا اتخذه سكنا وهو أمر بمعنى الخبر أيضا أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء
على فاعل ذلك أي بوأه الله ذلك وقال الكرماني يحتمل أن يكون الأمر على حقيقته والمعنى
من كذب فليامر نفسه بالتبوء ويلزم عليه كذا قال واولها اولاها فقد رواه أحمد بإسناد
صحيح عن بن عمر بلفظ بني له بيت في النار قال الطيبي فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب
وجزائه أي كما أنه قصد في الكذب التعمد فليقصد بجزائه التبوء
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.