الرد على شبهة الشهب موجودة في كل مكان في الفضاء

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد:
لماذا الشهب والرجوم موجودة في كل مكان في الفضاء؟ وهل هذا يعني أن الشياطين موجودة في كل مكان من الفضاء؟

الجواب:

أولا الشهب هي حصرا التي تضرب الأرض، وما تبقى من تلك المجودة في الفضاء أو التي تصفع كواكب الكون الأخرى على اختلافها فهي ليست بشهب إنما يقال لها نيازك، ولذا  سنقوم بإعادة تعريف الشهاب مرة ثانية حتى يتضح ويتجلى لنا في الأذهان فهمه فنصبح إذا ما قُدِمنا آية من أيأت الله -تعالى- اتقد نور الدراية في عقولنا فيستيقظ العقل من سباته فيتنبه أن ثمة نور المعرفة والعلم الذي أنزله الله -تعالى- في قرآنه قد لاح ثنا برقه يشعشع في الألباب فتملئ الحكمة قلوبنا ويعشعش العلم في عقولنا كالعصفور الذي يبني لنفسه بيتا على الشجرة.

نبدئ من سؤال، ما هو أصل الشهاب؟ وأصل الشهاب هو النيزك،
النيزك وهو ذلك الجسم الصلب الذي يسبح في الفضاء ويتراوح حجمه من حبة الرمل أو أصغر إلى صخرة كبيرة، كما أن النيازك تتحرك حول الشمس في مجموعة متنوعة من المدارات، وتدور بسرعات مختلفة وقد تصل سرعة النيزك إلى ما يقارب 42 كيلو متر في الثانية.
وقد يحدث لهذا النيزك أن يدخل في مسار الأرض فإن حصل ذلك فإنه سيتأثر بجاذبية الأرض فيتجه نحوها، عندها تبدئ سرعة النيزك بالتزايد نظرا لسببين الأول وهو تأثر النيزك بجاذبية الأرض فهي تجذبه وتسحبه زائد سرعة النيزك، وإن حدث وانجذب النيزك نحو الأرض بشكل رأسي فإن سرعة النيزك تتزايد بشكل شبه مضاعف لأن الأرض تدور في مسارها بسرعة 29 كيلو متر في الثانية فتصبح سرعة النيزك + سرعة الأرض + قوة الجاذبية، وهي سرعة مضاعفة تقريبا.

وعندما يأتي النيزك على الغلاف الجوي للأرض فإنه يثقبه بمعنى يخرقه فيبدئ النيزك بالاحتكاك بجسم الغلاف الجوي ونتيجة للاحتكاك والسرعة الشديدين يحدث عندها ارتفاع كبير لدرجة حرارة النيزك والهواء المحيط به ولأن الغلاف الجوي مشبع بالأوكسجين فيكتمل عند ذلك قانون مثلث الاشتعال وهو (حرارة + مادة قابلة للاشتعال + أوكسيجين) فيبدئ النيزك بالاشتعال والاحتراق والهواء المحيط له معاُ ونتيجة للغازات والأبخرة الناتجة عن ذلك يحدث له ذيل، كما ولأن الاشتعال أو الاحتراق يولدان الضوء يصبح المشهد لناظره من الأرض وكأن نجما من السماء قد هرب أو سقط على الأرض.
(أرأيت كيف يشتعل عود الكبريت فإنه يشتعل بالاحتكاك، هكذا يحدث للنيزك إذا احتك بالغلاف الجوي).
هذا هو الشهاب الذي جاء ذكره في القرآن الكريم والذي تُقذف به الشياطين الذين يحاولون استراق السمع أو التنصت إلى الملأ الأعلى أي الملائكة،
وقد جاء وصف ذلك الشهاب في القرآن الكريم بشكل دقيق جداً يعجز أيا كان عن الإتيان بمثل ذلك الوصف وسنأتي على شرح هذا الوصف المبارك تعقبا.
قال -تعالى-:
(10)   إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ.
[سورة الصافات].

لاحظ في قوله -تعالى- كلمة (ثاقب) لماذا؟ لأن الشهاب يثقب الغلاف الجوي بمعنى يخرقه، وقد أتت الكلمة ها هنا (ثاقب) لأنها أدق بشكل لغوي فلو جاءت بدل منها كلمة (خارق) لاختلف المعنى بشكل كلي لأنها ستصبح على سبيل (بطل خارق) لأن كلمة خارق تستخدم في اللغة للتعبير عن المبالغة في الشيء فلو أتى القول (شهاب خارق) لكان المعنى سيفهم على أنه الشهاب كبير الحجم وشديد القوة وما إلى ذلك..
ولكن الكلمة أنزلها الله -تعالى- بشكلها اللغوي المناسب وهي (شهاب ثاقب) وهذا أنسب تعبير لها فلقد أصبح يفهم من خلالها أنه الشهاب يخرق وليس خارقا بالمعنى الخيالي للمبالغة في الشيء كأن نقول فلان من الناس بطل خارق!
طبعا والشيء الثاقب ليس من الضروري بأن يخلف من ورائه فتحة غير قابلة للغلق أو الاغلاق على سبيل المثال فالإبرة الطبية تثقب جسد الإنسان ولحمه ولكنها لا تخلف من ورائها فتحة كما يحدث في ثقب الأجسام الصلبة لأن لحم الإنسان جسم مرن قد خلقه الله -تعالى- وأعده للتعامل مع حالات الجروم أو الأجسام التي تثقبه كالإبرة كذلك الغلاف الجوي قد خلقه الله -تعالى- وأعده للتعامل مع الشهب الثاقبة.

نعود ونكرر بأن الشهب التي تضرب الأرض لا وجود لها في مكان آخر غير الأرض وما تبقى من تلك الأجسام التي تسبح في الفضاء وتضرب كواكب أخرى غير الأرض كالمريخ والقمر وغيرها من الكواكب الموجودة في الكون فلا تكون شهابا أو شهبا إنما هي نيازك أو أجسام صلبة وتبقى تحت مسمى رجوم أو رجما يضرب كوكبا ما، وهنا تتجلى لنا معجزة جديدة، والذي رفع السماء بلا عمد أن القرآن الكريم أنزل الله -تعالى- معه وفيه مفاتيح أبواب السماوات السبع والأرض ومفاتيح لكل شيء ولو أحصيناها لتصدعت الأرض وانشقت وخرت الجبال فأصبحت هباء من ثقلها،
لماذا؟ لأنك وحيث ما أثبت وجودا لحدوث شهاب في كوكب ما من الفضاء يضربه، فقد برهنت بنسبة معينة على وجود الحياة على ذلك الكوكب لأن الشهاب حتى يصبح شهابا استلزم للأمر أن يخرق غلافا جويا لكوكب ما وأن يكون ذلك الغلاف الجوي أقرب ما يمكن الى غلاف الأرض الجوي بمعنى أن يكون ذلك الغلاف الجوي مشبع بالأوكسجين بنسبة عالية لأنه ومن دون أهم عنصر للاشتعال وهو الأوكسجين فلن يحدث احتراق للنيزك وبالتالي فلن يتحول النيزك إلى شهاب مهما بلغة درجة حرارة النيزك من أوج ارتفاعها نتيجة لاحتكاكه بالغلاف الجوي لذلك الكوكب حتى وإن ذاب حجر النيزك أو تمددت الغازات التي أحاطت به فلن يحدث احتراق ولن يصدر عن ذلك ضوء وسيبقى ذلك النيزك حجرا أو جسما صلبا صفع ذلك الكوكب حتى وإن شرخ بقوته وسرعته ذلك الكوكب.
على سبيل المثال فإن الغلاف الجوي لكوكب المريخ يحوي على نسبة أكثر من 95 بالمئة خمسا وتسعين بالمئة من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا ما يجعل عملية الاشتعال للنيزك اذا ما خرق غلافه الجوي أمرا مستحيلا، فثاني أوكسيد الكربون له قدرة فائقة على إطفاء الحرائق ومنع الاشتعال، فهو يستخدم في إطفاء الحرائق.

كما وقد جاء في القرآن الكريم ذكرا مع الاشتراط له بأن يكون الشهاب هو ذلك الشيء الصغير المشتعل وهذا في قوله -تعالى-:
(7)   إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ.
[سورة النمل].
ومعنى (شهاب قبس) في اللغة العربية (شعلة من النار)،
وقال ابن كثير:
(فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها) أي: فلما أتاها رأى منظرا هائلا عظيما، حيث انتهى إليها، والنار تضطرم في شجرة خضراء، لا تزداد النار إلا توقدا، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة ونضرة، ثم رفع رأسه فإذا نورها متصل بعنان السماء.
..//انتهى//..
ولو أتينا لنفسر كتبنا كما يفسر أهل الكتاب من اليهود والنصار كتبهم لكنا سنقول (النار وهي رمز الحرارة – والشجرة هي رمز المادة القابلة للاشتعال – والخضرة هي رمز للأوكسجين).
------
إذا وبعد أن عرفنا الشهب التي ترجم بها الشياطين وعلمنا بأنها النيازك التي تدخل الى الأرض بحكم جاذبية الأرض ومسارها وبحسب موقع النيازك ومداراتها،
فقد يتبادر لدى البعض سؤال بديهي ألا وهو: ولما كانت الشهب تتساقط على الأرض باستمرار وبشكل أقرب ما يكون الى الانتظام أو بمعنى آخر بأن الشهب تسقط على الأرض سواء كان هناك شياطين تسترق السمع أو لا، فهي تسقط على الأرض من قبل أن يخلق الله -تعالى- الجن والإنس.
ضف إلى ذلك تلك المسماة بزخات الشهب فهي تحدث للأرض عندما يتقاطع مع مسارها كمية من الحصى أو أجسام أشبه بحبيبات الرمل تكون في كثير من الأحيان من مخلفات المذنبات أو بقايا لارتطام النيازك الكبيرة أو الكويكبات الأخرى، ولكن هذا الأمر يحدث للأرض بشكل أشبه بالمستمر فدائما ما تتعرض الأرض للأمطار الشهبية التي عادةً ما يكون سببها المذنبات.

وهذا الموضوع تحديدا موجود في قوله -تعالى-:
(41)   أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ.
[سورة الرعد].
وقوله -تعالى-:
(44)   بَلْ مَتَّعْنَا هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۗ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ.
[سورة الأنبياء].

وقد سبق وأن شرحه الدكتور والعالم الكبير زغلول النجار،
وسأحاول تبسيط ما شرح الدكتور زغلول النجار بشكل مختصر:
ونبدأ من الشمس، كلنا يعلم أنها نجم من نجوم درب التبانة كما أنها مركز مجموعتنا الشمسية والمحرك لها حيث أن كل كواكب المجموعة الشمسة تطوف حولها وذلك بفعل جاذبيتها القوية، كما أنها تشكل نسبة 99.86 بالمئة من كتلة المجموعة الشمسية، ولكن الشمس تفقد من كتلتها في كل ثانية أكثر من أربعة مليارات كيلو جرام بسبب حرقها لمخزونها من الهيدروجين في عملية تسمى بالاندماج النووي فهي تولد البروتونات والالكترونات عالية السرعة وتسمى بالرياح أو العواصف الشمسية، وفعليا هذا ما يجعل الشمس تفقد وتخسر من كتلتها بشكل مستمر وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على قوة جاذبيتها بحسب القانون الكوني الذي يقول أن الكوكب الأثقل هو الذي يسيطر بقوة جاذبيته على الكوكب الأخف مما يعني ابتعاد الكواكب الأخرى عنها، لماذا لأن الشمس تخسر من كتلتها في حين أن الأرض وكواكب المجموعة الشمسة تبقى على وزنها وكتلتها،
ولكن ماذا سيحدث لو حصل بأن الكوكب الأثقل بدئ يفقد من كتلته في حين أن الكوكب الثاني الأخف كتلة وثقل ظل على حاله؟ والذي سيحدث بأن الكوكب الأخف سيبدئ بالابتعاد تدريجيا عن الكوكب الأثقل لأن الأثقل بدئ يخسر من كتلته مسببا بذلك انخفاضا في قوة جاذبيته وبالتالي فإن الكوكب الأخف سيتفلت من حقل جاذبية الكوكب الأثقل، هكذا تماما سيحدث لنظامنا الشمسي تماما باعتبار أن الشمس تفقد من كتلتها وتخسر من قوة جاذبيتها فإن الكواكب الأخرى ستبدئ تدريجيا بالابتعاد عن الشمس حتى تنفلت من نظام المجموعة الشمسية بشكل كامل.
إذا فما هو الحل لهذه المعضلة حتى لا يحدث بأن تبتدع الأرض عن الشمس وتتفلت من نظام المجموعة الشمسة؟
والحل ليس موجودا إلا بيد الله -تعالى- وحده وذلك بأن ينقص الله -تعالى- من كتلة الأرض وكواكب المجموعة الشمسية الأخرى فيجعلها تتساوى وتتناسب مع كتلة الشمس التي هي في انخفاض بشكل مستمر وذلك عبر البراكين التي قدر الله -تعالى- لها أن تحدث كالزلازل سواء التي تحدث في قيعان البحار أو تلك التي في فوهات الجبال لأن هذه الزلازل والبراكين تنبعث منها الغازات متصعده بدورها إلى الغلاف الجوي ثم يتفلت جزء كبير منها من الغلاف الجوي لينطلق إلى الفضاء، ضف إلى ذلك فباطن الأرض أشبه ما يكون بمفاعل نويي وهو بحد ذاته طاقة مثل أي طاقة أخرى سيكون مصيرها الى النفاذ.
إذا وعلى هذا فتكون الأرض بذلك قد خسرت جزء من كتلتها فتنعدل عندها كفة الميزان ما بين كتلة الشمس وكتلة الأرض وباقي الكواكب في المجموعة الشمسية، هكذا يحفظ الله -تعالى- المسافة بين الأرض والشمس أو بقية كواكب المجموعة الشمسية والشمس نفسها،
 وهذا تفسير قوله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا..) [سورة الرعد].

وهنا قد يتبادر إلى ذهن الإنسان سؤال بشكل بديهي وهو ما علاقة الشهب التي تضرب الأرض بموضوع إنقاص الأرض ها هنا أو ما علاقة النيازك التي تضرب باقي الكواكب في ذات الموضوع أيضا؟
والجواب بأن العلاقة علاقة ترابط حتى أنهما زوجان كالليل والنهار والنور والظلام باختصار هما عمليتان للأرض مزدوجتان واحد لإنقاص الأرض والثانية لزيادتها وسنأتي عليها، فالناقص هو الزوج المعاكس للزائد.

الآن وبعد أن علمنا كيف ينقص الله -تعالى- الأرض، فلو بحثنا وأجرينا العمليات الحسابية سنجد أن الله -تعالى- قد أنقص الأرض بشكل أكثر مما تحتاجه للحفاظ على المسافة بينهما، وفي هذه الحالة فإن النتيجة ستكون اقتراب الأرض من الشمس بشكل تدريجي وبالتالي استحالة الحياة عليها.
فما الحل في هذه الحالة إذا؟ والحل بيد الله -تعالى- وحده وهو أن يزيد الله -تعالى- من كتلة الأرض أيضا حتى يعدلها ويحفظ المسافة بين الأرض والشمس.
كيف يزيد الله -تعالى- الأرض إذا؟
والجواب يزيد الله -تعالى- الأرض بجعل الشهب تسقط على الأرض بشكل مستمر فيعوض بذلك ما أنقصه منها فتبقى المسافة بين الأرض والشمس ثابتة بلا اختلاف فلا تزيد فتبتعد ولا تنقص فتقترب.
والله -سبحانه- حي قيوم ومقيتا على كل شيء لا ينام ولا يمل ولا يتعب، وفوق ذلك يأتي أهل الكتاب ليقولون أن الله خلق الكون ثم استراح يوم السبت! ما هذا الضلال المبين فأنى لله -تعالى- الراحة ولا يمكن لشيء في الكون أن يسير أو يمشي دون إذنه ولو حصل ذلك لانطبقت السماوات السبع على الأرض.
إذا وعلى هذا فإن الله -سبحانه- ينقص من الأرض ويزيد فيها، لماذا؟ هذا ما سنأتي عليه بإذن الله -تعالى-
وقال -تعالى-:
( 2 )   يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ.
[سورة سبأ].
وقال أيضا:
(4)   هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.


[سورة الحديد].

لاحظ قوله -تعالى- (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ) يدل على أن الأرض تزيد وتنقص فالأمر ليس مقتصر على الأشجار والنبات والزرع وغيره بل جاء قوله -تعالى- بشكل عمم فيه كل شيء يلج في الأرض وكل شيء يخرج منها وهذا يدل بشكل قطعي على أن الله -تعالى- يزيد في الأرض وينقص منها، مثال على ذلك وليكن أي شيء فلو أخرجت منه جزءً ينقص وإن أدخلت إليه جزءً يزيد، والأرض كذلك أيضا فما يلج فيها يزيدها وما يخرج منها ينقصها، إذا فالقرآن الكريم يثبت زيادة الأرض ونقصانها.
هكذا قدر الله -تعالى- الحياة والكون أيضا وكذلك الأرض على سبيل المثال فإن الله -تعالى- ينقص الماء من الأرض وذلك بتبخره نتيجة أشعة الشمس ثم يعيده إليها مرة أخرى وذلك حتى تستمر دورة الحياة.
أما فما هي الحكمة من زيادة الأرض وإنقاصها؟ فإن فيها من الحكمة ما نعجز أن نحصيه، وسنضرب على ذلك مثلا:
فقد أنزل الله -تعالى- الحديد من السماء إلى الأرض، وقال -تعالى-:
25 )   لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
 وهذا شيء مثبت علميا بحيث اكتشف العلماء أن الحديد ليس من مكونات الأرض إنما هو منزل من الفضاء الخارجي عبر النيازك التي ضربت الأرض، ولو أحصينا نسبته في الأرض لوصلت إلى 35 خمسة وثلاثين بالمئة من الأرض تقريبا وهذا ما يجعله يشكل نسبة كبيرة من وزن الأرض وكتلتها، فلو أنزل الله -تعالى- الحديد من دون أن ينقص من الأرض لحصلت كارثة وهي ازدياد في كتلة الأرض وثقلها وبالتالي ابتعدا الأرض عن الشمس لذلك كان حقا على الله -تعالى- أن ينقص من الأرض بنفس الكمية التي سيزيدها حتى يحفظ المسافة بين الأرض والشمس، والله -سبحانه- يوازن بين إنقاص الشمس وإنقاص الأرض وزيادتها وهذا أمر في غاية التعقيد ولا يقدر عليه إلا الله -تعالى- وحده.
ونفس الشيء يقاس على باقي الكواكب في المجموعة الشمسية أيضا ولهذا السبب يرسل الله -تعالى- النيازك لتسقط على الكواكب الأخرى وتلج فيها فيزيد فيها وفي نفس الوقت ينقص من تلك الكواكب بحيث يخلق فيها البراكين والزلازل أو يخرج منها بعضا من الغازات المستقرة فيها أو قد يرسل عليها نيازك كبيرة فتصفعها بقوة فتنشطر منها الشظايا ثم تتطاير وتنطلق إلى الفضاء فتتفلت من الكوكب.
هذه حكمة الله -تعالى- وقدره للكون، فنعم الله الذي قدر كل شيء فأحسن تقديره، فالله -تعالى- يزيد في الأشياء وفي نفس الوقت ينقص منها على سبيل المثال فإنه -سبحانه- يزيد من حياة الإنسان ولكنه ينقص من عمره – ويزيد من طول النهار ولكنه ينقص من وقته انتهاءه، ولو أن الله -تعالى- يزيد في الأشياء ولا ينقص منها لحصلت كوارث وبالعكس.
إذا وبعد هذا كله أصبح بإمكاننا القول بأن النيازك التي تصفع كافة الكواكب في الكون ليست كما ظن البعض بأنها رجوما للشياطين وليست كما حاول بعض المشبهين والمشككين في محاولاتهم لتخطئة القرآن الكريم.
والذي رفع السماء بلا عمد والذي نفسي بيديه إن القرآن الكريم لهو أشبه بملف مضغوط للكون كله قد وسعه بسماواته السبع والأرض ومن فيهن.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.