فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت

صحيح البخاري
كتاب التيمم حديث برقم-(340)

حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري فقال له أبو موسى لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتيمم ويصلي. فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}. فقال عبد الله لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت وإنما كرههم هذا لذا؟ قال نعم. فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: (إنما يكفيك أن تصنع هكذا). فضرب بكفه ضربة على الأرض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بها وجهه. فقال عبد الله أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار.
 وزاد يعلى عن الأعمش عن شقيق كنت مع عبد الله وأبي وائل فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمار لعمر إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعكت بالصعيد فأتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرناه فقال: (إنما كان يكفيك هذا). ومسح وجهه وكفيه واحدة.

 [ر 338]
 [ش أخرجه مسلم في الحيض باب التيمم رقم 368
 (تمرغت) تقلبت. (نفضها) هزها أو نفخ فيها تخفيفا للتراب. (ثم مسح بها وجهه) الظاهر أن المراد ب -" ثم " هنا الجمع وليس الترتيب لما دلت عليه الروايات الأخرى. (لم يقنع) ووجه عدم اقتناعه أنه كان معه في تلك الحادثة ولم يتذكر أصلا].

فتح الباري:


.. قوله حدثنا محمد بن سلام وللأصيلي محمد هو بن سلام

.. قوله ما كان يتيمم ويصلي ولكريمة والأصيلي أما كان بزيادة همزة الاستفهام ولمسلم كيف يصنع بالصلاة قال عبد الله لا يتيمم وأن لم يجد الماء شهرا ونحوه لأبي داود قال فقال أبو موسى فكيف تصنعون بهذه الآية

.. قوله فكيف تصنعون في سورة المائدة وللكشميهني فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة وسقط لفظ الآية من رواية الأصيلي قوله فلم تجدوا هو بيان للمراد من الآية ووقع في رواية الأصيلي فإن لم تجدوا وهو مغاير للتلاوة وقيل إنه كان كذلك في رواية أبي ذر ثم أصلحها على وفق الآية وإنما عين سورة المائدة لكونها أظهر في مشروعية تيمم الجنب من آية النساء لتقدم حكم الوضوء في المائدة قال الخطابي وغيره فيه دليل على أن عبد الله كان يرى إن المراد بالملامسة الجماع فلهذا لم يدفع دليل أبي موسى وإلا لكان يقول له المراد من الملامسة التقاء البشرتين فيما دون الجماع وجعل التيمم بدلا من الوضوء لا يستلزم جعله بدلا من الغسل

.. قوله إذا برد بفتح الراء على المشهور وحكى الجوهري ضمها

.. قوله قلت وإنما كرهتم هذا لذا قائل ذلك هو شقيق قاله الكرماني وليس كما قال بل هو الأعمش والمقول له شقيق كما صرح بذلك في رواية حفص التي قبل هذه قوله فقال أبو موسى ألم تسمع ظاهره أن ذكر أبي موسى لقصة عمار متأخر عن احتجاجه بالآية وفي رواية حفص الماضية احتجاجه بالآية متأخر عن احتجاجه بحديث عمار ورواية حفص أرجح لأن فيها زيادة تدل على ضبط ذلك وهي 

.. قوله فدعنا من قول عمار كيف تصنع بهذه الآية قوله كما تمرغ الدابة بفتح المثناة وضم الغين المعجمة وأصله تتمرغ فحذفت إحدى التاءين

.. قوله إنما كان يكفيك فيه إن الكيفية المذكورة مجزئه فيحمل ما ورد زائدا عليها على الاكمل

.. قوله ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه كذا في جميع الروايات بالشك وفي رواية أبي داود تحرير ذلك من طريق أبي معاوية أيضا ولفظه ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين ثم مسح وجهه وفيه الاكتفاء بضربة واحدة في التيمم ونقله بن المنذر عن جمهور العلماء واختاره وفيه أن الترتيب غير مشترط في التيمم قال بن دقيق العيد اختلف في لفظ هذا الحديث فوقع عند البخاري بلفظ ثم وفي سياقه اختصار ولمسلم بالواو ولفظه ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه وللإسماعيلي ما هو أصرح من ذلك قلت ولفظه من طريق هارون الحمال عن أبي معاوية إنما يكفيك أن تضرب بيديك على الأرض ثم تنفضهما ثم تمسح بيمينك على شمالك وشمالك على يمينك ثم تمسح على وجهك قال الكرماني في هذه الرواية اشكال من خمسة أوجه أحدها الضربة الواحدة وفي الطرق الأخرى ضربتان وقد قال النووي الأصح المنصوص ضربتان قلت مراد النووي ما يتعلق بنقل المذهب

.. قوله ألم تر عمر في رواية الأصيلي وكريمة أفلم بزيادة فاء وإنما لم يقنع عمر بقول عمار لكونه أخبره أنه كان معه في تلك الحال وحضر معه تلك القصة كما سيأتي في رواية يعلى بن عبيد ولم يتذكر ذلك عمر أصلا ولهذا قال لعمار فيما رواه مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبزي اتق الله يا عمار قال إن شئت لم أحدث به فقال عمر نوليك ما توليت قال النووي معنى قول عمر اتق الله يا عمار أي فيما ترويه وتثبت فيه فلعلك نسيت أو اشتبه عليك فإني كنت معك ولا أتذكر شيئا من هذا ومعنى قول عمار إن رأيت المصلحة في الإمساك عن التحديث به راجحة على التحديث به وافقتك وأمسكت فإني قد بلغته فلم يبق على فيه حرج فقال له عمر نوليك ما توليت أي لا يلزم من كوني لا أتذكره أن لا يكون حقا في نفس الأمر فليس لي منعك من التحديث به قوله زاد يعلى هو بن عبيد والذي زاده يعلى في هذه القصة

.. قول عمار لعمر بعثني أنا وأنت وبه يتضح عذر عمر كما قدمناه وأما بن مسعود فلا عذر له في التوقف عن قبول حديث عمار فلهذا جاء عنه أنه رجع عن الفتيا بذلك كما أخرجه بن أبي شيبة بإسناد فيه انقطاع عنه ورواية يعلى بن عبيد لهذا الحديث وصلها أحمد في مسنده عنه

.. قوله إنما كان يكفيك هكذا وللكشميهني هذا قوله واحدة أي مسحة واحدة قوله باب كذا للأكثر بلا ترجمة وسقط من رواية الأصيلي أصلا فعلى روايته هو من جملة الترجمة الماضية وعلى الأول هو بمنزلة الفصل من الباب كنظائره.
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.