الرد على شبهة طوفان نوح

شبهة حول طوفان نوح
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين،
ثم أما بعد:

موضوعنا هو الرد على شبهة تافهة مثلها مثل من يشيعها من تافهي المشككين الملحدين وبعض فاسقي ومجرمي أهل الكتاب.

ونلخص ما تقول الشبهة في سطرين: وهو أن الطوفان الذي عاقب به الله -تعالى- عباده الكفار الذين عصوا نبيه نوح عليه الصلاة والسلام، إنما هو خرافة وأساطير سومرية وبابلية وأشورية وأفريقية وكثير من الشعوب والحضارات القديمة دونت روايات الطوفان كتراث خرافي اسطوري ثم سرقه اليهود من هذه الحضارات ودونوه في التوراة ونقله محمد الى القرآن.!

والمشكلة الكبيرة أنه وبعدما عثر العلماء على أثار لمستحاثات بحرية فوق قمم الجبال مما يثبت ويوثق حدوث الطوفان بالدلائل الواقعة، والتي تسببت بأحراج المشككين وإثبات كذبهم الصريح الواضح، عاد المشككين مرة أخرى ليلبث على الناس قصة الطوفان لكن هذه المرة يثبتها وينسبها للحضارات الأولى ثم ليتهم ويقول بأن بني إسرائيل هم من سرق القصة الحقيقية من الشعوب وبدوره نقلها محمد الى القرآن.!

الرد:
نبدأ على بركة الله -تعالى- واعلم أخي القارئ بأنه وكلما زادت عدد الشعوب القديمة التي دونت قصة الطوفان كلما كان الرد صاعق يصفع ناصية المشكك أيا كان.

وعلى اعتبار المشكك أصبح يصم آذانه عن الدلائل العلمية ولم تعد الأبحاث والاكتشافات العلمية تجدي معه نفعا فسنصفع ناصيته برد من القرآن الكريم كتاب الله -تعالى- ففي هذه الحالة إن وجدنا في كتاب الله تعالى ما يثبت علم الأمم السابقة التي تلت نوح وما بعدها فعلى سبيل المثال (السومريون والبابليين والآشوريين والفينيقيين وغيرهم من الشعوب السابقة) فإن وجدنا آية تقر بأن ها أولاء الأمم السابقة كانوا يعلمون بقصة الطوفان ونوح ويعرفونها فإنه وعلى الفور ستنهار حجج المشكك الواهية.

قال تعالى:
(75)   وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ.
(76)   وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ.
77)   وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ.
(78)   وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ.
(79)   سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ.
(80)   إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.
[سورة الصافات].

لاحظ قوله تعالى: (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ). وقوله -تعالى-: (سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ).
وقال القرطبي:
قوله تعالى: وتركنا عليه في الآخرين أي تركنا عليه ثناء حسنا في كل أمة، فإنه محبب إلى الجميع، حتى إن في المجوس من يقول إنه أفريدون.
قوله تعالى: سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ
أي: تركنا عليه ثناء حسنا سلاما.
..//انتهى//..

وقال الإمام الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (78)
يعني تعالى ذكره بقوله (وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ) وأبقينا عليه، يعني على نوح ذكرا جميلا وثناء حسنا في الآخرين، يعني: فيمن تأخَّر بعده من الناس يذكرونه به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقوله (سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) يقول: أمنة من الله لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء.

وفي الوسيط، قال صاحب الكشاف:
قوله: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أى من الأمم هذه الكلمة، وهي: «سلام على نوح» يعنى: يسلمون عليه تسليما ويدعون له. فإن قلت: فما معنى قوله: فِي الْعالَمِينَ.

قلت: معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا، وأن لا يخلو أحد منهم منها، كأنه قيل: ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين، يسلمون عليه عن آخرهم.

علل- سبحانه- مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية، من تبقية ذكره، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر، بأنه كان محسنا، ثم علل كونه محسنا، بأنه كان عبدا مؤمنا، ليريك جلالة محل الإيمان، وأنه القصارى من صفات المدح والتعظيم، ويرغبك في تحصيله وفي الازدياد منه.
..//انتهى//..

قال -تعالى-:
(10)   فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ.
(11)   فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ.
(12)   وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ.
(13)   وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ.
(14)   تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ.
(15)   وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ.
(16)   فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ.
[سورة القمر].


ولاحظ قوله -تعالى-: (وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ).
وقال الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى: وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
يقول تعالى ذكره: ولقد تركنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن كان معه آية، يعني عِبْرة وعظة لمن بعد قوم نوح من الأمم ليعتبروا ويتعظوا, فينتهوا عن أن يسلكوا مسلكهم في الكفر بالله, وتكذيب رسله, فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة.
..//انتهى//..

وقال القرطبي:
ولقد تركناها آية يريد هذه الفعلة عبرة. وقيل: أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل.
..//انتهى//..

وقال تعالى:
(37)   وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا.

وقال ابن عاشور:
والآية: الدليل، أي جعلناهم دليلاً على مصير الذين يكذبون رسلهم. وجعلهم آية: هو تواتر خبرهم بالغرق آية.
..//انتهى//..
وقال البغوي:
(أغرقناهم وجعلناهم للناس آية) يعني: لمن بعدهم عبرة.
..//انتهى//..


هل رأيت أخي القارئ، الله -تبارك وتعالى- يخبرنا بأن الأمم الذين تلوا نبي الله نوح عليه السلام والذين من بعدهم كلهم يعرفون نوح ويعرفون قصة الطوفان والسفينة فالله -تعالى- هو الذي جعل نوح والطوفان والسفينة آيات للعالمين وقذف في قلوبهم محبة لنوح حتى تبقى الناس تذكره والطوفان ولذلك فمن الطبيعي أن تؤلف هذه الأمم والشعوب القصص والروايات الأدبية الأسطورية حول نبي الله -تعالى- نوح عليه السلام والطوفان فهو بالنسبة لهم بطل ملحمي محبوب، وضف إلى ذلك فعندما جاء نبي الله موسى بني إسرائيل بالتوراة وبعد أن ألقاها وكسرها بسببب أن بني إسرئيل عبدوا العجل وعاد ليرقعها ويتلوها عليهم فإنه عندما وصل فيها إلى قصة نوح والطوفان فلم يكن وقتها قد جاء بشيء جديد هذا لأن معظم أمم الأرض وإن لم يكن كلهم يعرفون قصة نوح والطوفان فهي كانت مثال للثقافة والحضارة الأدبية باستثناء بني إسرائيل الذين كانوا رعيان عبيدا أذلة متخلفون يستعبدهم فرعون اللعين ولا يفقهون من العلوم شيء فمن الله -تعالى- عليهم وأطلعهم على ما فاتهم من العلوم، طبعا وليست قصة الطوفان وحدها التي كانت باقية بعد نبي الله -تعالى- نوح فهناك الكثير من الكلمات والحكمة التي أوحى بها الله -تعالى- إلى عبده نوح وعلمه آياها قد شقت طريقها إلى ثقافات الأمم الذين تلوه فلم يكن نوح عليه السلام ليجلس في السفينة ويحتسي الخمر حتى السكر ثم لينام لابل كان يعلم الناس مما علمه الله -تعالى- ليترسخ هذا العلم في أذهان من كانوا معه ثم لينتقل لمن جاؤوا بعدهم ولاحقا لتتحرف وتتغير هذه العلوم وتلوى أعناقها لتتماشى مع أهواء الناس والعباد.

وعلى هذا فتكون حجج المشكك ساقطة بإذن الله -تعالى-.

تم بفضل الله تعالى. 
Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.