ما هي أسباب الفقر


يولد الكثير من الأطفال، ويأتون إلى الحياة، وما يلبثون حتى يبدأ الوعي لديهم بالنشوء شيئا فشيء، حتى ينصدمون بواقع مأساوي. فهم قد عرفوا أنفسهم أنهم فقراء. الآن وقد أصبح لديهم السبب المقنع، لماذا الخبز غير كاف؟ فلطالما جلسوا حول مائدة الطعام، يا ليت لو أن الطعام يربوا فهو غير كاف. لقد علموا، لماذا الثياب ضيقة ومهترئة، فلم يعودون يشعرون بالخجل منها، من بعدما تعدوا تلك المرحلة.




لذا فنحن في صدد الإجابة على هذا السؤال، الذي لطالما طرحه الفقراء على أنفسهم، 
لماذا أنا فقير؟
واعلم أخي القارء، أنك وحالما تكمل قراءتك لهذا الموضوع أو المقال، فإن نظرتك للأمور ستختلف، بالإضافة إلى تفكيرك فإنه قد يتغير.

وخير بادئة نبدأ فيها، قول الله سبحانه وتعالى:
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21).
سورة الحجر.

هذا يعني بأن جميع موارد الأرض من طعام وماء وحرث ومحاصيل زراعية ومعادن الخ.. كلها محدودة، قد قدرها الله -تعالى-، فجعلها كافية لجميع عباده.
فموارد الأرض هي بطبيعة الحال موارد كافية لسكان الأرض.
ولكن ما الذي حدث ولا يزال يحدث؟ فجعل أكثر من ثلثي أهل الأرض من الفقراء.

والذي يحدث أن قلة من الناس يأتون، فيبسطون سيطرتهم بشكل أو بآخر على نسبة كبيرة من موارد الأرض، وبذلك يمنعونها عن باقي سكان الأرض، والذين هم بدورهم أصحابها الحقيقيون.

دعنا نطرح مثالا على ذلك:
تخيل لو أننا نعيش في قرية ما، وليس لدينا فيها إلا حقل واحد، فيه حرث من قمح، كلما حان وقت حصاده، يأتي أهل القرية ليتقاسموه فيما بينهم. ولكن ثمة خطب ما قد حدث عندما قام رجل من القرية فاشترى نصف الحقل، ثم إنه كلما حان وقت حصاده، أخذ نصف الحرث فخزنه. فجاء أهل القرية يلتمسون القمح، لكنهم لم يجدوا تلك الكمية، التي كانوا قد عهدوها من قبل. عند ذلك ارتفع سعر القمح، بعد أن أصبح سلعة شحيحة يندر تواجدها في السوق. وكبرت المشكلة أكثر، عندما عاد ذلك الشخص اللعين ليعاود شراء نصف ما تبقى من الحقل. فتضخمت المشكلة وأصبحت أكثر تفاقما، وبدأ سكان تلك القرية يعانون الجوع، فحصتهم من القمح، قد تضاءلت بشكل غريب، ولم يعد أحد يقوى على شراء القمح، ولما التمس الناس القمح من عند ذلك الشخص اللعين وجدوا أنه قد ضاعف سعر القمح، فجعل المشكلة أكثر تعقيدا.

أرأيت هذا المثل، خذه وأسقطه على واقع المال، حيث أن العديد من الأشخاص، الذين يملكون الكثير من الشركات حول العالم. ظهر وكأنهم يعيشون لهدف واحد فقط، ألا وهو سحب الأموال من الناس بأي طريقة، ومن ثم الاحتفاظ بها وتخزينها. وق ينطبق هذا الشيء على دول وحكومات، فقد تكون دولة ما، يعاني شعبها من فقر متقع، ولكن لو فُتح البنك المركزي لتلك الدولة، فإننا سنشاهد الأموال مكدسة على الرفوف وفي صناديق أيضا. وفي تلك الحالة أنى لأحد بأن يستطيع العثور على أموال، ومن أين له أن يحصل على المال، إذا كان السوق في الأساس خالٍ من الأموال. لأن ثمة أشخاص ملاعين سنحت لهم الفرصة من التسلط على الحصة، التي كان الله سبحانه وتعالى قد قدرها لعباده، عندما خلق الأرض، وقال -تعالى-:
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10).
سورة فصلت.

فجميع الأرزاق مع اختلاف أنواعها، إنما قدرها الله -تعالى-، لذلك ستجدها محدودة.
وتقع لب المشكلة في ها أولاء الملاعين، الذين يتسلطون على أرزاق العباد، التي جعلها الرب -سبحانه- أمراً محدوداً لا يزيد ولا ينقص.
ومن أجل ذلك أوحى الله -تعالى- لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يحذر عباده من تخزين الأموال والأرزاق واكتنازها، وقد توعد من يكنز الأموال بعقاب شديد،
 وذلك في قوله -تعالى-:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35).
سورة التوبة.

فالمال خلقه الله -تعالى- من أجل عباده، لكي يقضوا به حوائجهم، فهو يمشي بين الناس ويتنقل من شخص لآخر، وتحدث المشكلة، عندما يأتي أحد ما فيبدأ يكتنز هذا المال، فهو في تلك الحالة إنما يصد عن سبيل الله -تعالى-، بل ويحدث مشكلة اقتصادية ينبثق عنه الفقر والجوع والأمراض، والتي بدورها قد تكون سببا لدفع بعض ضعاف النفوس لارتكاب المعاصي والآثام، وبالتالي فإن مكتنز المال قد أحدث مفسدةً في الأرض، ربما يمكن إصلاحها، أو أنها قد تصبح غير قابلة للإصلاح، وهذا سيجر عذاب الله -تعالى- لا محال منه إن وقع.

بعدما كان السبب الأول قد اتضح بالنسبة لنا، سننتقل إلى السبب الثاني للفقر:

قال -تعالى-:
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71).
سورة النحل.

نلاحظ في الآية الكريمة، بأن الله -تعالى- قد قسم عباده إلى نوعين، النوع الأول: وهو الذي يملك المال، وتتفاوت الدرجات فيما بينهم ما بين الطبقة المتوسطة والأغنياء أصحاب الثروات. والنوع الثاني: وهم الفقراء أو من لم تتوفر لديهم الأموال بشكل كاف، بحيث تكون أوضاعهم المالية في عوز مستمر للمال
ولم يفصل الله -تعالى- بين عباده لأسباب عنصرية، أو أنه فرق بين هذا وذاك عن عبث لا على الإطلاق، بل جعل ذلك عن حكمة بالغة. حيث أن الله -تعالى- قال في موضع آخر من كتابه:
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32).
سورة الزخرف.
وفي هذه الآية المباركة توضيح أكثر للآية التي أوردناها قبلها، فهنا يخبر الله -تعالى- أنه قسم الأرزاق بين عباده، فجعل عبادا أغنياء وآخرون غير أغنياء، من أجل أن يعمل الشخص الذي لا يملك المال الكافي عند الشخص الذي يملك المال، وذلك لكي تمشي الحياة، على سبيل المثال: فلان من الناس قد تعطلت سيارته فهو لا يعرف إصلاحها. وعلى الطرف الآخر ثمة شخص ما يعرف كيف يصلح تلك السيارة المعطلة ويحتاج الى المال، فيسخره الأول بماله مقابل أن يصلح الثاني السيارة له.
 فلان يملك ثروة ما ويرغب في إنشاء مشروع ما، فيسخر الكثير من الناس مقابل المال، من أجل إقامة مشروعه. وهكذا تمشي الحياة.
وإلى الآن لا يوجد فقر، إنما عبد يملك المال وآخر لا يملك المال الكافي. بينما قد يشق الفقر طريقه إلى الإثنين معا في حال أنهم لم يأخذوا بما أنزل الله -تعالى-، كأن يأتي من قسم الله -تعالى- له المال فيبذره ويضيعه على أمور تافهة لا جدوى منها، وقال الله -تعالى-:
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27).
سورة الإسراء.
وقال أيضا:

أو أن يتعدى حدود الله -تعالى-، ثم يتبع سبيل الشيطان ويأتمر له، فيضيع بذلك ما رزقه الله -تعالى- إسرافاً وتبذيرا على الميسر أو الزنى والبغايا وشرب الخمر والمخدرات وينغمس بالشهوات، فيُذهب في سبيلها الكثير من المال فيضيع الثروة. وبالتالي لن يستطيع تسخير الناس الذين هم بحاجة إلى المال، الذي قسمه الله -تعالى- له من قبل أن يخلقه.
وقال الله -تعالى-:
الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268).
سورة البقرة.
وعندما يسلك الإنسان سبيل الشيطان، فإنه سيصبح من المسرفين، والمسرف هو من تجاوز حدود الله -تعالى-،
وقال الله -تعالى-:
يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31).
سورة الأعراف.
فاتباع الشهوات والغرق فيها، من شأنه أن يحدث مفسدة عظيمة، ليست على مستوى الفرد فقط، إنما على مستوى الجماعة. أم حسبت أخي القارئ، بأن الله -تعالى- قد سن تشريعه وحد حدوده عن عبث، لا على الإطلاق. إنما كله عن علم واسع وحكمة بالغة.
فلم نعهد شخصا ما كان قد اتبع شهواته إلا ومات حسيرا وهو فقير. كما ويمكن لأي شخص إجراء بحث صغير حول من كانوا بحوزتهم ثروات طائلة، كانوا قد أضاعوها كلها في سبيل الشهوات، كالزنى والميسر والخمر والمخدرات. وإن صح التعبير فإنها ليست معاصي فحسب، بل هي مهالك تهلك النفس البشرية عندها.

...
أكل الربا وهو من أكثر المنكرات، التي تجلب الفقر لفاعلها. فتأثيرها لا ينحصر على مستوى الفرد فقط، إنما يتعداه إلى مستوى الجماعة أيضا.


...

وسننتقل إلى واحد من أهم الأسباب، الذي من شأنه، أن يجعل الفقر، كما لو كان وباءً يسري بين الناس، إن توقف العباد فعل ما أمر الله -تعالى- ورسوله عليه الصلاة والسلام به.
وهي إيتاء الزكاة ودفع الصدقات، ولو أن المسلمين أقاموا ما أمر الله -تعالى- به من إيتاء الزكاة وإخراج الصدقات، لكان ذلك من شأنه أن يحل مشكلة كبيرة من بين تلك المشاكل، اللائي يعاني منهن المجتمعات الإسلامية وغيرهم.

ودعنا نوضح الأمر بشكل أكثر، لدينا ها هنا طفل يتيم ليس له من معيل إلا الله -تعالى-. فكيف لهذا اليتيم أن يأكل ويشرب ويكتسي. وقد أوحى الله -تعالى- إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يرشده إلى حل تلك المشكلة، وهو أن يرزق الله -تعالى- عباده الأصحاء المعافين، ثم يأمرهم بأن يذهبوا إلى ذلك اليتيم أو الفقير أو المحتاج أو المعسر، ثم يدفعون له المال، وهذه ليست بصدقة ولا زكاة، بل هي حق من حقوق الفقراء قدره الله -تعالى- قبل أن يخلق عباده.
على سبيل المثال: فاليتيم أو الأرملة أو المسكين وغيرهم ممن ضاقت بهم الأحوال، لا يستطيعون سبيلا إلى المال، لذلك فإن الله -تعالى- يجعل أرزاقهم في أموال عباد آخرين.
وقال الله -تعالى-:
 وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24)
لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25).
سورة المعارج.

لاحظ قوله -تعالى-: (حق معلوم)، كفيل بأن يوصل الرسالة. لذلك فإن كان شخص ما يعمل ويحصل على رابت شهري بما يعادل ألف دولار، فليعلم علم اليقين، أن هذا لا يعني بأنه يملك كامل الراتب، بل إن في راتبه الشهري حق قدره الله -تعالى- للفقراء واليتامى والمحتاجين المعسرين. عندئذ توجب على هذا الشخص بأن يبحث عن ها أولاء الفقراء أو اليتامى أو غيرهم من أصحاب الحاجة الموجدين في عائلته أو منطقته أو ما حوله.
فمن شأن ذلك أن يحل مشكلة الفقر من عدة نواحي، أهمها أن الله -تعالى- يرضى فينزل بركته ويرسل السكينة ويغفر لفاعل الخير هذا.

وقال الله -تعالى-:
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141).
سورة الأنعام.
وقال أيضا:
فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38).

لاحظ كيف أمر الله -تعالى- بدفع الحق لأصحابه وهي الزكاة مما رزقهم وإيتائه للفقراء.

وقال ابن كثير:
وقوله (1) تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال ابن جرير: قال بعضهم: هي الزكاة المفروضة.
حدثنا عمرو، حدثنا عبد الصمد، حدثنا يزيد بن درهم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الزكاة المفروضة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {وآتوا حقه يوم حصاده} يعني: الزكاة المفروضة، يوم يكال ويعلم كيله. وكذا قال سعيد بن المسيب.
وقال العوفي، عن ابن عباس: {وآتوا حقه يوم حصاده} وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده، لم يخرج مما حصد شيئا فقال الله: {وآتوا حقه يوم حصاده} وذلك أن يعلم ما كيله وحقه، من كل عشرة واحدا، ما يلقط (2) الناس من سنبله.
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى ابن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن جابر بن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر، بقنو يعلق في المسجد للمساكين (3) وهذا إسناده جيد قوي.
وقال طاوس، وأبو الشعثاء، وقتادة، والحسن، والضحاك، وابن جريج: هي الزكاة.
وقال الحسن البصري: هي الصدقة من الحب والثمار، وكذا قال زيد بن أسلم.
وقال آخرون: هو حق آخر سوى الزكاة.
وقال (4) أشعث، عن محمد بن سيرين، ونافع، عن ابن عمر في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة. رواه ابن مردويه. وروى عبد الله بن المبارك وغيره. عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: يعطي من حضره يومئذ ما تيسر، وليس بالزكاة.
وقال مجاهد: إذا حضرك المساكين، طرحت لهم منه.
وقال عبد الرزاق، عن ابن عيينة (5) عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: عند الزرع يعطي القبض، وعند الصرام يعطي القبض، ويتركهم فيتبعون آثار الصرام.
وقال الثوري، عن حماد، عن إبراهيم [النخعي] (6) قال: يعطي مثل الضغث.
وقال ابن المبارك، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كان هذا قبل الزكاة: للمساكين، القبضة الضغث لعلف دابته.
وفي حديث ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن سعيد مرفوعا: {وآتوا حقه يوم حصاده}
..//انتهى//..


كما وإن الكفر بالله ونعمه وتكذيب رسوله عليه الصلاة والسلام، والعياذ بالله من ذلك فإنه لسبب كبير من أسباب الفقر،
وقال الله -تعالى-:
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113).
سورة النحل.

وقال أيضا:
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17).
سورة سبأ.

فعندما يكفر العبد بالله -تعالى- ويكفر بنعمه ويكذب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فماذا بقي له، وأي رزق سيتحصل عليه، إن كان الرزاق هو الله سبحانه وتعالى،
وقال الله -تعالى-:
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31).
سورة الإسراء.
وقال أيضا:
اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62).
سورة العنكبوت.
وقال أيضا:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41).
سورة الروم.

ولا يقولن أحد لي انظر إلى العالم الغربي، كيف هو غني يتمتع بالثروات. قلت إن الإتحاد السوفيتي السابق لهو أكبر مثال على ذلك، حيث كان النظام الشيوعي هو النظام الحاكم، والذي كان يتباهى بكفره بالله -تعالى- وتكذيب رسوله عليه الصلاة والسلام، فلم يزالوا على جهارهم بالكفر، حتى وقع عليهم غضب ورجس من الله -تعالى- فأذاقهم الله -تعالى- من الجوع والفقر ما جعل الكثير من الناس تموت بسبب الجوع والأمراض، ولم يُرفع عنهم ذلك العقاب، إلا من بعدما سقط ذلك النظام الفاشل.

 وكل هذا موثق بالوثائق. 
......
هذه أسباب الفقر ومعها حلولها، على الأقل إن من يتقي الله -تعالى- ويحذره، فلعل ذلك الشخص أن يبقى في دائرة الأمان من الفقر أو العقاب، حتى ولو كان ليس مسلما.
وقال الله -تعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)). سورة البقرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته وصحبه وسلم.

Share on Google Plus

About Abd ElRahman

لا إله إلا الله محمد رسول الله
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.